
أصيل محمد بن فرحات – أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في كلمة ألقاها نيابةً عنه وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، خلال مشاركته في أشغال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الخامسة المنعقدة ببغداد يوم 17 ماي 2025، على الأهمية البالغة التي تكتسيها هذه القمة بالنظر إلى محاورها الاقتصادية والاجتماعية التي لا تقل شأناً عن القضايا السياسية والأمنية التي تشغل العالم العربي في الوقت الراهن.
وشدد الرئيس تبون، في مستهل كلمته، على أن أهداف البناء الاقتصادي والتنمية المستدامة لم تعد ترفًا أو مسألة كمالية، بل باتت ضرورة ترتبط بمقتضيات الأمن القومي العربي وبمسؤولية تثمين مقدرات الشعوب العربية، حاضراً ومستقبلاً، قائلا :" فأهدافُ البناءِ الاقتصادي والتنميةِ المستدامة ليست من قَبِيلِ التَّرَفِ العَرَضِي أو الكَمَالي، بقدر ما هي أهدافٌ ترتبط تمام الارتباط بمقتضيات الأمن القومي العربي وبما يقع علينا من مسؤوليةِ تثمينِ مُقَدَّرَاتِ الشعوب العربية، بأجيالها الحالية والمستقبلية على حدٍّ سواء".
وفي هذا السياق، جدّدت الجزائر التزامها الراسخ بالمساهمة في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، مركّزة على ثلاث اعتبارات رئيسية:
أولها، ضرورة التضامن الفعلي مع الدول العربية التي تمر بأزمات وصراعات، وعلى رأسها فلسطين المحتلة، باعتبار أن أمن وازدهار المنطقة العربية مرهون بتعافي هذه الدول من ويلات الحروب والظلم، وعودتها إلى مسارات الاستقرار والنماء.
أما الاعتبار الثاني، فيتمثل في ضرورة كسر الجمود الذي يطبع مشاريع التكامل الاقتصادي العربي، وعدم السماح بأن تظل هذه المشاريع "حلماً مؤجلاً" تتوارثه الأجيال. وأوضح الرئيس تبون أن التجارة البينية العربية لا تتعدى 8% من حجم تجارة الدول العربية مع العالم، وهو ما يعكس ضعفًا كبيرًا يجب تداركه.
الاعتبار الثالث يخص توفير المقومات الأساسية لهذا التكامل، وفي مقدمتها التفعيل الكامل لمنطقة التجارة الحرة العربية، وتطوير شبكات النقل البيني، إلى جانب إرساء آليات بنكية ومصرفية وتأمينية عربية تعزز المبادلات والاستثمار المشترك.
وأشار الرئيس تبون أيضاً إلى أن الجزائر، منذ انضمامها إلى منطقة التجارة الحرة العربية في عام 2009، تواصل مساهمتها في مؤسسات التمويل والاستثمار العربية كما تدعم بقوة مشاريع الربط البري والبحري والجوي وحتى الطاقوي، بما يعزز التقارب الاقتصادي العربي قائلا : " فقد انضمت بلادي لمنطقة التجارة الحرة العربية منذ سنة 2009، مثلما ساهمت في بناء مختلف مؤسسات التمويل والاستثمار العربية، إلى جانب دعمِها لمشاريعِ الربط البري والبحري والجوي، بل وحتى الطاقوي".
وفي معرض حديثه عن التحديات المستقبلية، نبّه رئيس الجمهورية إلى ضرورة عدم تخلّف العالم العربي عن اللحاق بركب التطورات التكنولوجية والرقمية، لا سيما في مجالات الطاقات المتجددة، الذكاء الاصطناعي، الروبوتية والنانوتكنولوجيا، داعياً إلى حشد الجهود والإمكانات لضمان تموقع الأمة العربية في قلب هذه التحولات الجذرية، قائلا :" تشدد بلادي على ضرورة أَلاَّ تتخلفَ الدولُ العربية مُجتمعةً عن ركب الثورات المشهودة راهناً، لاسيما في مجالات الطاقات المتجددة، والرقمنة، والذكاء الاصطناعي، والروبوتية، وكذا في مجال النانوتكنولوجيا ".
واختتم الرئيس تبون كلمته بتأكيد استعداد الجزائر الدائم لدعم كل المبادرات التي تعزز التعاون الاقتصادي بين الدول العربية، مؤكداً سعي الجزائر لأن تنال الدول العربية نصيبها العادل من التنمية، وأن تفرض مكانتها في المنظومة الاقتصادية العالمية، بما يحقق تطلعات الشعوب في الأمن والرخاء ، قائلا : " وستظل الجزائر، بما حَبَاهَا اللهُ من مقدرات، مُناصرةً لكل الجهود التي تضعُ نُصْبَ أولوياتِها تعزيزَ التعاون الاقتصادي بين دولِنا، لتنال نصيبَها المشروع من التنمية ".