البلاد - عبد الله نادور - فشلت مشاورات رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، بخصوص إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات، هذه المشاورات التي كانت تسعى السلطات العمومية لتحويلها إلى مشاورات سياسية وندوة وطنية لبحث المخارج السياسية والدستورية الممكنة للأزمة الحالية، غير أن فشل هذا المسعى يطرح تساؤل ماذا بعد فشل مشاورات بن صالح؟. وهل يمكن لقيادة الجيش أن تقود حوارا وطنيا بعد ما أبدى قايد صالح انفتاحا على كل المبادرات لحل الأزمة وتمسك بالحوار مع مؤسسات الدولة وإجراء انتخابات في أقرب الآجال؟!.
ويرى العديد من المراقبين أن تضييع الوقت لإيجاد المخارج الدستورية والسياسية، لا يخدم البلد من الناحية السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وهو ما نبهت له للمرة الثانية على التوالي قيادة الجيش الوطني الشعبي، التي دعت الطبقة السياسية لعدم رفض الحوار الذي اعتبرته “من الآليات الراقية التي يجب تثمينها”، لاسيما في ظل الظروف الخاصة التي تمر بها البلاد.
وبذلك تعود للساحة السياسية الأطروحات التي سبق وأن تم تداولها خلال الأسابيع القليلة الماضية، من خلال العودة لسيناريو استقالة رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، بالنظر لفشل أول مسار مشاورات حاول إطلاقه، ما يعني بالضرورة فشل أي مبادرة قد يسعى إليها مستقبلا، وهو ما يجعله أمام حتمية الاستقالة بالنظر للفشل السياسي الذي لحق به وسيلاحقه. كما أن تقديم رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، استقالته، سيأتي استجابة لمطلب الحراك الشعبي، وحفاظا على المصلحة العليا للبلد، على أن تتولى بعده مهام رئاسة الدولة الشخصية التوافقية التي عينها على رأس المجلس الدستوري، خلفا لرئيسه الحالي فنيش كمال.
وبعد هذه الخطوة، يقترح بعض السياسيين والمحللين، أن يصدر المجلس الدستوري إعلانا دستوريا، يفتح المجال أمام بعض الصلاحيات رئيس الدولة، من بينها إقالة الحكومة وتنصيب حكومة جديدة، وأيضا تأسيس لجنة وطنية للمراقبة والإشراف على الانتخابات، وأيضا تعديل القانون العضوي للانتخابات، ليتم بعدها الذهاب إلى انتخابات وطنية في ظرف ستة 6 أشهر.
من جهة أخرى، يرى فريق آخر، أن الأمر يتطلب استقالة طواعية للوزير الأول نور الدين بدوي، بعد استقالة كمال فنيش، رئيس المجلس الدستوري، على أن يكون آخر الراحلين هو رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، من خلال تقديم تفاسير دستورية مقبولة رغم أنه حل “بعيد عن ظاهر النص”، وهو الحل الذي لا يتطلب إعلان دستوري، ويمثل مخرجا “بأقل الأضرار دون أن نخرج من الدستور”.
كما يرى البعض ضرورة الدخول في حوارات سياسية جادة، ترعاها المؤسسة العسكرية، لبحث آليات سياسية ودستورية للخروج من الأزمة، خاصة وأن ڤايد صالح، أبدى تمسكه بالحوار وفضائله، حيث قال “إدراكا منا أن الحوار هو من أرقى وأنبل أساليب التعامل الإنساني، وهو المسلك الأنجع الكفيل بتقديم اقتراحات بناءة وتقريب وجهات النظر وتحقيق التوافق حول الحلول المتاحة”. وهذا بعدما فتح قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد ڤايد صالح، باب تفعيل كل الحلول الممكنة القادرة على حل الأزمة التي تشهدها الجزائر منذ 22 فبراير، خلال كلمته التي ألقاها من الناحية العسكرية الأولى وتفضل الساحة السياسية أن تدفع المؤسسة العسكرية للحلول الدستورية المطعمة بالحلول السياسية، لتتفادى أن تتوغل في حقل سياسي ملغم، قد يجر الويلات على البلد بالنظر لتربص العديد من الدول بالجزائر وتحاول جرها إلى مستنقع التدخل العسكري.
ويقرأ البعض رسائل ڤايد صالح على أنها مؤشر للساحة السياسية بالمبادرة بالحلول الممكنة ضمن الإطار الدستوري، لتجد من المؤسسة العسكرية كامل المرافقة وعدم الاعتراض، وهو ما دعت إليه بعض الوجوه السياسية، ما من شأنه أن يبعد عن العسكر تهمة التدخل والانقلاب، ويؤمن الحلول الدستورية السياسية ويضع الجزائر على السكة الصحيحة لمستقبل مزدهر سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا ورياضيا وفي مختلف المجالات ضمن الإطار النوفمبري “دولة اجتماعية ذات سيادة في إطار المبادئ الإسلامية”.