هل يكسب الرئيس معركة فصل المال عن السياسة؟!

2019 تطيح برجال أعمال تغولوا على السلطة

رئيس الجمهورية
رئيس الجمهورية

الجزائريون يعوّلون على خطة الرئيس لإبعاد شبح الأزمة الاقتصادية

 

البلاد - حليمة هلالي - أسقطت سنة 2019 عدة قضايا فساد عرفتها الجزائر منذ سنوات وأطاح حراك الشعب خلال هذه السنة حكما دام طيلة 20 سنة وسبب أزمة اقتصادية وضعت البلاد على المحك ولعل اكبر فضيحة فساد تمثلت في قضية تركيب السيارات التي أطاحت بإمبراطوريات التضخيم والنهب في الفواتير وتسببت في تراجع احتياطات الصرف بسبب وصول رجال أعمال الى مراكز نافذة حيث سيكون الرئيس أمام اكبر تحد في 2020 وهوفصل المال عن السياسة. ومعلوم أن تبون أطلق خارطة طريق فيها الكثير من الجرأة ويعتبر فصل المال عن السياسة من أخطر المحاور التي تواجهها حكومة تبون، لأن المال اختلط بالسياسة خلال السنوات القليلة الماضية بشكل غير مسبوق، بل وصار يشارك في صناعة حتى القرار السياسي.

ستكون سنة 2020 سنة تنفيذ الوعود التي أطلقها الرئيس خاصة فيما يتعلق بالمطالب الأساسية للحراك الشعبي وسيعطى الأولوية لمراجعة الدستور بتقليص صلاحيات الرئيس وتعديل قانون الانتخابات “لفصل المال عن السياسة” لاسيما أن البلد يعاني من الفساد على الجميع المستويات، وبالتالي “فمن الطبيعي أن يواصل عملية مكافحة الفساد، حيث لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به”، حسب أحد أعضاء فريقه.

 

المال المنهوب أذهل الجزائريين في 2019

وقف الجزائريون مذهولين سنة 2019 أمام الأرقام التي نطقت بهام محكمة عبان رمضان وولحد الآن كلفت قضية تركيب السيارات وحدها خسارة مالية معتبرة للخزينة العمومية قدرت ب 128.983.650.708 دج (أكثر من 128 مليار و983 مليون دج. وعرفت سنة 2019 بأنها سنة القضايا الساخنة والفضائح المثيرة حيث كشفت تفاصيل المحاكمات عن الملايين من الخسائر كان وراءها ثلاثة متعاملين اقتصاديين متابعين في القضية وهم معزوز أحمد وعرباوي حسان وبعيري محمد.

حيث بلغت الخسائر التي تسببت فيها شركة معزوز أحمد لتركيب السيارات والشاحنات أكثر من 39 مليار دج فيما بلغت بخصوص المتعامل عرباوي حسان أكثر من 87 مليار دج. كما تكبدت الخزينة العمومية خسارة تفوق 1 مليار دج تسبب فيها مجمع “إيفال” لصاحبها بعيري محمد، حسب الخزينة العمومية. تعود تفاصيل قضية تركيب السيارات عندما سوقت عهدة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لأكبر كذبة للجزائريين لتمرير مشروع العهدة الخامسة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بعدما قررت تجميع صلاحيات هذا القطاع، الذي كان ينظم استيراد السيارات، في وزارة واحدة هي وزارة الصناعة والمناجم، ومن ثم وضعها بين أيدي شخص واحد، هوبوشوارب، أداة السعيد بوتفليقة في التدمير، وذلك بعد ما كانت موزعة بين وزارتين هما “الطاقة” و«الصناعة”.

 

السيارات... من خلّيها تصدي إلى خلّيه في الحبس

ورغم نداء الشارع الذي ثار على السيارات المرتفعة الثمن وشن عليها حملات عديدة تحت مسمى “خليها تصدي “ وتصريحات الخبراء ان هذه المصانع تعبث بأموال الخزينة بتواطئ وزراء ورجال أعمال الا انها لا تزال تمارس نشاطها حتى وان كان أصحابها داخل السجون وأكد وكيل الجمهورية لدى محكمة الجنح الابتدائية لسيدي أمحمد بالجزائر العاصمة، أن في الحقيقة لم يكن يوجد أي نشاط يتعلق بتركيب وتصنيع السيارات، بل أصحاب هذه الشركات استغلوا علاقاتهم مع وزراء سابقين للفوز بصفقات في مجال تركيب وتصنيع السيارات خرقا للإجراءات القانونية المتبعة في هذا المجال ولاسيما دون موافقة المجلس الوطني للاستثمار.

 

انخفاض مخيف لاحتياطي الصرف في 2019

ومن جهتها كانت سنة 2019 متسارعة في الانخفاض لاحتياطي الصرف، حيث بدت تصريحات المسؤولين متشائمة من مستقبل مخزون احتياطي الصرف الوطني من العملة الصعبة، حيث لوح وزير المالية محمد لوكال بمستقبل غامض للتوازنات المالية الكلية للبلاد خلال الأشهر القليلة المقبلة، لاسيما في ظل عدم قدرة أسعار النفط على تسجيل مستويات مقبولة، على الرغم من كل المحاولات لإنعاشها، حيث كشفت الإحصائيات عن ضياع حوالي 2 مليار دولار شهريا، ما يجعله يصل خلال سنة 2020 الى 51.6 مليار دولار، ثم إلى 33.8 مليار دولار في عام 2021، على الرغم من التزام الحكومة في سياق التقليل من وتيرة السقوط الحر للاحتياطي بمسعى يقوم على عقلنة الواردات من السلع.

وتشير التقديرات إلى أن الجزائر تواجه، بداية من العام الداخل، أزمة مالية ستترجم في شكل العجز عن تغطية النفقات العمومية، كون أنّ متوسط الواردات الوطنية السنوية يقدر بحوالي 43 مليار دولار، بينما يعمق عدم تعافي أسعار المحروقات الأزمة المالية، خاصة وأنّه يمثل حوالي 95 بالمائة في المائة من مجمل الصادرات الوطنية.وفي هذا الصدد اكد خبراء الاقتصاد أن احتياطات الصرف الخارجي في نهاية سنة 2019، قدرت ب60 مليار دولار، ما يشير إلى أنه مابين بين الواردات والخدمات قيمة بالعملة الصعبة 55 مليار دولار، مشيرا إلى ضرورة الشروع فورا في تغيير السياسة الاقتصادية الاجتماعية، باعتبار أنه وبحلول في نهاية 2021 سنجد لنفسنا إمام الاستدانة الخارجية.

 

حمل ثقيل وتركة اقتصادية متصدعة تواجه الرئيس ووزرائه

 تواجه الحكومة الجديدة للوزير الأول عبد العزيز جراد المعين حديثا من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تحديات كبيرة وملفات عديدة ورثتها من حكومة المستقيل الوزير الأول السابق نور الدين بدوي، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، منذ مدة ولعل انتخاب رئيس جديد للبلاد جعل “الضبابية السياسية “ تتلاشى تدريجيا من المشهد العام للبلاد، في حين ينتظر أن تنتقل السلطات الوصية إلى الالتفاف للاهتمام للشق الاقتصادي الذي انهار بنسبة كبيرة وتأثر بالوضع العام للبلاد منذ بداية الحراك الشعبي في فيفري المنصرم.

وستجد الحكومة الجديدة التي يرتقب الإعلان عنها قريبا، نفسها أمام مواجهة العديد من القضايا التي طفت على السطح في الفترة الأخيرة جراء ماعاشته البلاد من وضع صعب ومعقد، انتهى بانتخاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وخلال تصريح أول له عقب تعيينه وزيرا أول أكد عبد العزيز جراد، إنّه” سيعمل مع جميع الأطراف للخروج من المرحلة الصعبة”، مضيفاً “يجب أن نعمل سوياً مع كل كفاءات الوطن وإطارات البلاد والمواطنين والمواطنات من أجل رفع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والخروج من هذه المرحلة الصعبة”، وتابع “نحن أمام تحد كبير لاسترجاع الثقة في مجتمعنا، وبرنامج الرئيس تبون يمكننا من العمل لمصلحة البلاد”.

 

تحدى السكن، التوظيف ورفع القدرة الشرائية

ويرى المتتبعون للوضع أن الحكومة الجديدة التي يرتقب الإعلان عنها قريبا، ستعمل جاهدة على ايجاد حلول للقضايا والملفات المطروحة في الوقت الراهن، على غرار إنقاذ القدرة الشرائية للمواطن التي انهارت بنسبة كبيرة في الفترة الاخيرة، بسبب انخفاض قيمة الدينار والتضخم ولعل الأسعار التي عرفتها العملة الصعبة أمام الدينار الذي انهار في الفترة الأخيرة خير دليل على ذلك، ملف السكن بكل أنواعه، “عدل”، “ال ال بي” “أل بي يا” “أل بي بي” والاجتماعي، هو الآخر من بين الملفات التي ستكون على طاولة الحكومة الجديدة، وذلك بسبب ما تشهده العديد من الولايات من إضرابات واحتجاجات بسبب تأخير تسليم المشاريع السكنية على غرار” عدل 2 “، في إعدادها السابقة إلى احتجاجات شبه يومية بعديد المناطق بسبب السكن، خاصة ما تعلق بعدل، حيث ارتفعت شدة الاحتجاجات بسبب تأخر تسليم السكنات، وعاد هذا الملف إلى الظهور مجددا في الآونة الأخيرة بشعارات عديدة رددها المحتجون على غرار “وطني وطني أين سكني”.

ومن بين الملفات الأخرى العالقة، ملف التوظيف الذي طرح في الفترة الأخيرة خاصة أمام قرار الحكومة تنصيب عقود ما قبل التشغيل وهي الخطوة التي رحب بها عشرات المستفيدين من الإدماج، بالإضافة إلى مطالب الأساتذة في التوظيف الرسمي، وخريجي الجامعات الذين يواجهون بطالة حتيمة في ظل “إغلاق باب التوظيف في المؤسسات العمومية”.

 

خبراء: هذه هي آليات النهوض بالاقتصاد الوطني

أكد خبراء الاقتصاد أن الوضع خطير، واأن الجزائر بطريقة مباشرة وغير مباشر 98 بالمائة من مداخيل الخزينة العمومية والعملة مرتبط بسونطراك والنفط. وحسب البروفيسور مبتول عبد الرحمان فإن قانون المالية لسنة 2020 مبنى بسعر 100 للبرميل، في حين أن الجزائر حددت سعره في قانون المالية بـ 65 دولارا مما سيصعب العملية. وتابع مبتول يقول “لا بد من  تغيير السياسة والاقتصادية”. وحذر الخبير من الناحية الجيوستراتيجية مشيرا إلى أن ما يجرى في الحدود الليبية، سيكون له أثر على الصعيد الدولي، مما يستوجب من الحكومة المرتقبة الإعلان عنها قريبا أن تكون تكون ذات كفاءة، مشيرا إلى أنه إذا تم تعيين وزير متورط في قضايا فساد، فإن الصورة التي رسمت للحكومة ستتغير وتسقط، ومن هنا لا بد من أخذ الحيطة والحذر في تعيين الحكومة، وفي المجال السياسي لا بد من الحوار الجاد والفعلي لأن الوضعية الحالية للاقتصاد الوطني على المحك.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. طقس الخميس.. امطار غزيــرة على هذه الولايات

  2. طقس الأربعاء.. أمـطار على هذه الولايات

  3. هذه أبرز مخرجات اجتماع الحكومة

  4. الكاف تعلن رسميا خسارة إتحاد العاصمة على البساط أمام نهضة بركان

  5. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34305 شهيد

  6. التوقيع على مشروع ضخم بقيمة 3.5 مليار دولار بين وزارة الفلاحة وشركة بلدنا القطرية لإنجاز مشروع متكامل لإنتاج الحليب

  7. قسنطينة.. تدشين مصنع لقطع غيار السيارات ووحدة لإنتاج البطاريات

  8. دخول شحنة جديدة من  اللحوم الحمراء المستوردة

  9. حج 2024.. بيان هام من الديوان الوطني للحج والعمرة

  10. حول طلبات التقاعد.. بيان هام من "كاسنــوس"