"أيراد".. احتفال أمازيغي في "ديار العرب"

بني سنوس بتلمسان تستقبل ألف شاب هذا الخميس

احتفالات أيراد الأمازيغية
احتفالات أيراد الأمازيغية

 الناير.. عرب وأمازيغ

 

كانت وجهتنا بلدة بني سنوس الواقعة بالجنوب الغربي لتلمسان، رفقة الدكتور محمد سريج العائد من فرنسا بعدما أنهى أطروحة الدكتوراه من جامعة نيس، سريج المنحدر من بلدة بني سنوس صاحب 14 كتابا حول عادات وتاريخ وأصول المنطقة، وطيلة الطريق الرابط بين تلمسان وبني سنوس، كان مرافقا يروي لي علاقاته الاجتماعية والانسانية مع فرنسيين وبرتغاليين وإيطاليين في مدينة نيس الساحرة، قبل أن نعرّج على رأس السنة الأمازيغية الذي يحتفل به كل الجزائريين عربا وأمازيغ في بلادنا، سألت الدكتور سريج عن شواهد الأصول الحقيقية لسكان منطقة بني سنوس، فرد بثقة :أمازيغ، فسألت ثانية .. ومالدليل ؟ ببساطة يقول سريج أنت ترى هذه القرية الوحيدة التي نمر بها اسمها ديار العرب، وهي دليل كاف على أنها المكان الوحيد الذي استطونه العرب بينما كانت كل القرى والمداشر الأخرى ذات ساكنة أمازيغية، طبعا ناهيك عن باقي الشواهد الأخرى من قرى ومداشر بني سنوس ذات الأسماء الأمازيغية كتافسرة وتلاثا ومازر، وكتاوة وغيرها، ضف إلى ذلك تضاريس المنطقة التي استوطن فيها الأمازيغ وهي نفسها التي يقطنها أمازيغ شمال المغرب العربي من ليبيا إلى المغرب.

 

بوابة السنة الأمازيغية..

دخلنا قرية الخميس ببلدية بني سنوس والحديث مع مرافقي لم ينته بعد، "ترجلت" عن السيارة لألتقط بعض الصور الخاصة بالمنطقة، المارة وسائقو السيارات كانوا يلوحون لنا بحفاوة لمعرفتهم بنا وبمهمتنا، لا تترك شخصا من المنطقة إلا وحياك قبل أن يدعوك لكأس من الشاي أو القهوة، في طريقنا إلى قرية الخميس تحدثنا عن رياض محرز الذي زارت عائلته قناة "بيان سبور" قبل يوم من مجيئنا، فضلا عن قنوات عربية أخرى، ولأنني لست من عشاق الكرة المستديرة ولا من نجومها لم أهتم كثيرا للأمر، فكل ماكان يشغلني هذه التقاسيم التي تتقاطع في بنيتها وفي ثقافتها وفي انتمائها لنفس التوزيع البشري الموجود في مناطق اخرى من بلادنا، وكأن الجزائر في الغرب هي نفسها في الشمال والشرق.

الأسد رمز الانتصار في "أيراد"

نزلنا ضيوفا على الحاجة يمينة التي تتذكر جيدا تفاصيل الاحتفالات بمناسبة ايراد، في البداية سألنا الدكتور محمد سريح عن "آيراد" فأجاب إنه يعني "الأسد" لكن لما الأسد؟ الإسم مرتبط برواية متداولة في 941 قبل الميلادي تاريخ بداية الاحتفال بأيراد أوالأسد بعد المعركة التي خاضها قائد الجيش الأمازيغي ششناق عام 940 قبل الميلاد في بني عشير ضد جيش فرعون مصر رمسيس الذي مني بهزمية بعدما حاول احتلال المنطقة، فأرسل فرقا من جيوشه إلى القرى والمدن المتفرقة، وفي الدليل المادي لايزال مسجد تافسرة وهومن بين أقدم 3 مساجد في الجزائر يحكي شواهد التاريخ على عمق بني سنوس، فقد كان معبدا في زمن الرومان ثم تحول إلى كنيسة بعد الميلاد، فمسجد عقب الفتوحات ومن الرومان إلى الغزوالفرعوني ثم الفتوحات الاسلامية، يروي دكتور الأنثروبولوجيا محمد سريج كيف هزم الجيش الأمازيغي الغزاة القادمين من بلاد الفراعنة باستعمال الأسود التي كانوا يروضونها ويربونها، فقد حسمت الأسود المعركة لصالح الأمازيغ، لذلك ترتبط احتفالية أيراد التي تقام بمناسبة رأس السنة الأمازيغية بالنصر الذي حققه الأمازيغ على الغزاة ومن المفارقات أن أكبر جبال المنطقة المطل على قرية بني عشير يطلق عليه اسم جبل "فرعون"، ما يدعم رواية المؤرخين حول صحة الخلفيات التاريخية والشواهد الموجودة، فضلا عن طبيعة المنطقة نفسها التي لا تزال أسوار الحصون الرومانية قائمة فيها وقدم البنايات المهجورة التي تؤكد أن الإنسان عاش قديما في بني سنوس.

احتفالات لم تنقطع خلال الثورة التحريرية

بعد رواية الدكتور محمد سريج الذي أصدر كتابا جديدا بعنوان "أيراد بني سنوس" عن دار كنوز، تروي لنا الحاجة يمينة عادات وتقاليد الاحتفال بأيراد المهرجان الكبير، فهي تذكر أن المنطقة لم تتوقف عن الاحتفال بكرنفال أيراد حتى في زمن الثورة، عندما كانت تقوم سلطات الاستعمار بتحديد الفترة مابين العصر والمغرب للقيام باحتفالية أيراد، وتذكر الحاجة يمينة أن كرنفال "أيراد"، الذي يعتمد على الألبسة التي يتشبه فيها أصحابها بالأسد والليوث واللبؤة في إشارة إلى الأسود التي شاركت في الحرب ضد الفراعنة، يقوم فيها "أيراد" ومعناه الأسد بجمع جزء من المحاصيل التي يتبرع بها كل صاحب بيت يلجه "الأسد" أو"أيراد"، ثم توزع تلك المحاصيل من الخضر والفواكه على الفقراء والمساكين ليلة رأس السنة الأمازيغية، على أن تلك الاحتفالات تمتد على مدار 3 أيام كاملة. وفي فترة الثورة التحريرية كان يقوم السكان يتحويل ما تم جمعه من محاصيل إلى المسؤولين عن تمويل جيش التحرير في جبال المنطقة.

"أيراد" من رواية إلى مادة بحث في الجامعات..

وتقوم احتفالية "أيراد" على ارتداء ملابس يتشبه فيها صاحبها بالأسد وتجوب القافلة كافة أحياء ومنازل قرى بني سنوس التي كانت تبلغ وقتها 14 قرية، تزور فيها القافلة كل المنازل الكائنة بالمنطقة مرددين الأهازيج والأغاني ربما هي نفسها التي رددها أجدادهم وهم يحتفلون بالانتصار على جيش الفراعنة، ويقول أحد السكان إن المتقمصين لإيراد يقومون بارتداء أي ملابس أو أشياء يمكن أن تخفي ملامحهم لصناعة الفرجة. أما في الوقت الراهن فإن احتفالية ايراد تحولت إلى تراث محل بحث من الدارسين في الجامعات الغربية ولم يعد مجرد رواية متداولة في المنطقة، التي تحتقل اليوم برأس السنة الأمازيغية، حيث ستستقبل قرى بني سنوس بجنوب غرب تلمسان قرابى 1000 شاب من مختلف مناطق ولايات الوطن، بحضور وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. أمطار غزيـرة على 18 ولايـــة

  2. أمطار غزيــرة على هذه الولايات

  3. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34535 شهيد

  4. حج 2024.. سفارة السعودية بالجزائر تنبه الحجاج

  5. أمطار غزيــرة على على هذه الولايات

  6. قرية سياحية ذات طابع فلاحي بمقاييس عالمية بقسنطينة

  7. مجلس قضاء الجزائر: حجز عقارات وأموال تفوق 543 مليار سنتيم ضمن شبكة إجرامية تعمل في تجارة التبغ

  8. وزارة العدل تعلن فتح مسابقة توظيف وطنية

  9. ضمن برنامج "عدل".. الشروع قريبا في بناء 1200 وحدة سكنية بتبسة

  10. غلق ملعب 5 جويلية 1962 حتى هذا التاريخ