رحيل قاهر “العصابة وأذنابها”

فضح ملفات فساد ثقيلة وعرّى “عملاء الاستعمار”

المجاهد الراحل
المجاهد الراحل

البلاد - بهاء الدين.م - برحيل نائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد ڤايد صالح، تكون الجزائر قد ودّعت إلى الأبد واحد من صناع تاريخها في أكثر المراحل حساسية منذ استقلالها. فالرجل قارع “عصابة” عشّشت داخل مفاصل الدولة لمدّة 20 سنة ولها امتدادات اخطبوطية كان يصفها في خطاباته ب«الأذناب” و«عملاء الاستعمار” في إشارة إلى الأطراف التي تدعم “مخططات فرنسا” ضد الجزائر.

وأجمعت أمس الفعاليات الوطنية الرسمية والشعبية والسياسية على أن الجزائر فقدت “أحد رجالاتها الأبطال الذي بقي إلى آخر لحظة وفيا لمساره الزاخر بالتضحيات الجسام” كيف لا والرجل “ظل إلى آخر نفس يصارع “جهات تتربص بالبلاد داخليا وخارجيا”. وكان آخر ظهور للفريق أحمد ڤايد صالح، خلال حفل تنصيب رئيس الجمهورية المنتخب، عبد المجيد تبون، الخميس الماضي، بقصر الأمم.

 

مرافقة الحراك

ومنذ بداية الحراك الشعبي السلمي، كان واضحا أن الجيش ساير االمسيرات الشعبية من خلال دعوات إلى الاستجابة لمطالبها، أطلقها رئيس الأركان الفريق أحمد ڤايد صالح. وظهر التحول جليا في خطاب 26 مارس الماضي، الذي دعا خلاله نائب وزير الدفاع بصراحة إلى أن الحل يكمن في تطبيق المادة 102 من الدستور، التي تنص على إعلان شغور منصب الرئيس.

وقال الفقيد بعدها إنه “بتاريخ 30 مارس 2019 تم عقد اجتماع من طرف أشخاص معروفين، سيتم الكشف عن هويتهم في الوقت المناسب، من أجل شن حملة إعلامية شرسة في مختلف وسائل الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعي ضد الجيش الوطني الشعبي وإيهام الرأي العام بأن الشعب الجزائري يرفض تطبيق المادة 102 من الدستور”. وأضاف أنه “على ضوء هذه التطورات، يبقى موقف الجيش الوطني الشعبي ثابتا بما أنه يندرج دوما ضمن إطار الشرعية الدستورية ويضع مصالح الشعب الجزائري فوق كل اعتبار ويرى دائما أن حل الأزمة لا يمكن تصوره إلا بتفعيل المواد 7 و8 و102 من الدستور”. وأكد أن “كل ما ينبثق عن هذه الاجتماعات المشبوهة من اقتراحات لا تتماشى مع الشرعية الدستورية أوتمس بالجيش الوطني الشعبي، الذي يعد خطا أحمرا، هي غير مقبولة بتاتا وسيتصدى لها الجيش الوطني الشعبي بكل الطرق القانونية”.

 

الإنذار الأخير

وبعدها وجه رئيس الأركان الجزائري “إنذارا أخيرا” إلى مدير المخابرات السابق (الجنرال توفيق)، متهما إياه بالعمل على عرقلة مساعي الجيش الوطني في حل الأزمة التي تمر بها البلاد. وقال ڤايد صالح إن مدير جهاز المخابرات السابق أجرى “اتصالات مشبوهة للتآمر على الشعب”، مشيرا إلى “إجراءات قانونية صارمة” ستتخذ بحقه إذا استمر في ذلك. وأشار قائد الجيش حينها إلى أن “الاجتماع المشبوه الذي تحدثت عنه في 30 مارس حضره رئيس جهاز المخابرات السابق”. وصف ڤايد صالح الوضع الراهن في الجزائر “بالمعقد ولا يحتمل المزيد من التأجيل”، مؤكدا في كلمة له في منطقة ورڤلة، سعيه إلى ضرورة إيجاد “حل للأزمة في أقرب الأوقات”. وأكد رئيس الأركان أنه سيتم اتخاذ المزيد من الخطوات لتلبية مطالب المحتجين، وأن قرار حماية الشعب الجزائري “لا رجعة عنه مهما كانت الظروف”. وأوضح ڤايد صالح أنه أعطى الأوامر للقيادات الأمنية “لحماية المواطنين خاصة أثناء المسيرات”، ودعا الشعب إلى تفادي العنف. وشدد ڤايد على أهمية الاحترام التام لرموز الدولة وعلى رأسها العلم الوطني.

 

الشرعية الدستورية

وظل رئيس الأركان يردد في كل خطاباته بعد إزاحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وسقوط مشروع العهدة الخامسة، أنه لا طموحات سياسية لقيادة الجيش، وأنه سيستمر فيما سمّاها مرافقة الشعب من أجل بلوغ أعتاب الشرعية الدستورية. وأضاف أن الجيش الوطني لن يحيد عن مهامه الدستورية إلى غاية انتخاب رئيس للجمهورية في الآجال الدستورية البعيدة كل البعد عن أي شكل من أشكال المراحل الانتقالية. وقال إن الجزائر الآمنة والمستقرة الموحدة أرضا وشعبا تستوجب من أبنائها المخلصين تجاوز كافة الظروف، و«إننا في الجيش الوطني الشعبي لدينا من الإرادة ما يكفي لتذليل كل الصعوبات”.

 

مواجهة العصابة

وصرح قائد أركان الجيش الوطني الشعبي في اجتماعاته مع القيادة العسكرية بأن “القيادة العليا تبنت منذ بداية الأزمة خطابا واضحا”.. وخلال كلمة له بمناسبة زيارته إلى الناحية العسكرية بتمنراست، قال الفريق أحمد ڤايد صالح أنه “تم كشف حيثيات المؤامرة وخيوطها في الوقت المناسب، مضيفا: “قررنا مواجهة العصابة وإفشال مخططاتها الدنيئة”. وقال: “العصابة تحاول تغليط الرأي العام بإحداث قطيعة بين الجيش وشعبه”، مضيفاً أن “تلك العصابة (التي لم يحدد من هي) تريد التلاعب بمصير الجزائر بشعار دولة مدنية لا عسكرية، إلا أن الجيش نسف تلك المخططات الدنيئة”. وتابع قائلاً: “تحاول العصابة تغليط الرأي العام عبر نشر أفكار خبيثة تستهدف ضرب الثقة القوية التي تربط الشعب بجيشه وإحداث قطيعة بينهما لكي يسهل التلاعب بمصير الجزائر ومقوماتها واستغلال الظرف الراهن من خلال شعار (دولة مدنية وليست عسكرية)، هذه الأفكار ليس لها وجود إلا في أذهان ونوايا من يروج لها”. إلى ذلك، أكد أن الجيش مدرك لحساسية الوضع وخطورة التحديات والرهانات، ويعمل على حماية السيادة الوطنية مهما كانت الظروف والأحوال.

 

ملفات الفساد

قال نائب وزير الدفاع قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، إن مصالح وزارة الدفاع الوطني تملك معلومات حول ملفات فساد ثقيلة. وتطرق قائد الأركان خلال زيارة تفتيشية للناحية العسكرية الخامسة، في كلمته التوجيهية، إلى ملف محاربة الفساد. وقال في هذا الشأن “ضروري تفادي التأخر في معالجة الفساد بحجة إعادة النظر في الإجراءات، وسيتم تطهير بلادنا نهائيا من الفساد والمفسدين”. وأضاف أحمد ڤايد صالح “سيبقى الجيش بالمرصاد وفقا لمطالب الشعب وما يخوله الدستور وقوانين الجمهورية وقدمت قيادة الجيش الشعبي ضمانات كافية ومرافقة جهاز العدالة في مهامها النبيلة بعدما تحررت من كل الضغوط”. وتابع “ونحن في الجيش الوطني لن نسكت وكنا السابقين لمحاربة الفساد من خلال إحالة إطارات عسكرية على القضاء العسكري وسيبقى الجيش بالمرصاد وفقا لمطالب الشعب الملحة ولما يخوله الدستور”. أما على الصعيد السياسي فقال قائد الأركان “إن التمسك الشديد لقيادة الجيش الوطني الشعبي بالدستور الذي زكاه الشعب من خلال ممثليه في البرلمان ينبع من كون أي تغيير أوتبديل لأحكامه ليست من صلاحية الجيش الوطني الشعبي، بل هي من الصلاحيات المخولة للرئيس المنتخب مستقبلا وفقا للإرادة الشعبية الحرة”.

 

تحرر العدالة

وخلال تعاطيه مع جهاز القضاء شدد نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، على أن “تحرر العدالة من كافة أشكال القيود والإملاءات والضغوطات، سمح لها بممارسة مهامها بكل حرية بما يكفل تطهير البلاد من الفساد والمفسدين”.

وفي كلمة توجيهية ألقاها أمام إطارات وأفراد الناحية العسكرية الرابعة عرج الفريق على قطاع العدالة التي أكد أن تحررها من كافة أشكال القيود والإملاءات والضغوطات، مكنها من ممارسة مهامها بكل حرية، بما يضمن تطهير البلاد من الفساد ومرتكبيه. وقال بهذا الخصوص: “من أهم العوامل التي ندرك جيدا أنها توفر بوادر الارتياح لدى المواطنين، هي تحرر العدالة من كافة أشكال القيود والإملاءات والضغوطات، مما سمح لها بممارسة مهامها بكل حرية، وبما يكفل لها وضع الأيدي على الجرح وتطهير البلاد من الفساد والمفسدين”.

 

أذناب الاستعمار

ونبه بهذا الخصوص إلى محاولة من أسماهم بـ«أبواق العصابة وأتباعها” و«أذناب الاستعمار” العمل على “تمييع هذا المسعى النبيل من خلال تغليط الرأي العام الوطني” وذلك من خلال “الادعاء بأن محاسبة المفسدين ليست أولوية ولم يحن وقتها بعد، بل ينبغي الانتظار إلى غاية انتخاب رئيس جديد للجمهورية الذي سيتولى محاسبة هؤلاء المفسدين”. ولفت الفريق إلى أن الهدف الحقيقي من وراء ذلك هو “محاولة السعي بأشكال عديدة إلى تعطيل هذا المسعى الوطني الهام، كي تتمكن رؤوس العصابة وشركاؤها من التملص والإفلات من قبضة العدالة”، مشيرا إلى أنها ومن أجل ذلك “حاولت أن تفرض وجودها ومخططاتها، إلا أن جهود الجيش الوطني الشعبي وقيادته النوفمبرية، كانت لها بالمرصاد وأفشلت هذه المؤامرات والدسائس، بفضل الحكمة والتبصر والإدراك العميق لمسار الأحداث واستشراف تطوراتها”.

 

لا طموحات سياسية

 وفي سياق ذي صلة، ظل نائب وزير الدفاع الوطني يحرص على “تعهده الشخصي الذي لن يحيد عنه أبدا”، والمتمثل في “المرافقة العقلانية المتسمة بالصدق والصراحة للشعب الجزائري في مسيراته السلمية ولجهود مؤسسات الدولة ولجهاز العدالة”. وذكر في هذا الصدد “تعهدت شخصيا في العديد من المرات، أمام الله وأمام الوطن وأمام التاريخ، وهو قسم غليظ لن أتراجع عنه، احتراما للدستور ولقوانين الجمهورية، على غرار ذلك القسم الذي قطعته على نفسي أمام شهداء الثورة التحريرية المباركة، هؤلاء الأمجاد الذين اتبعوا طريق الحق واستشهدوا في سبيله، فعلى هذا السبيل نسير اليوم بكل أمانة وصدق، ولذلك عملنا في الجيش الوطني الشعبي وسنعمل، بإذن الله تعالى وقوته، كل ما بوسعنا بكل صدق وأمانة، على المرافقة العقلانية المتسمة بالصدق والصراحة، للشعب الجزائري في مسيراته السلمية الراشدة، ولجهود مؤسسات الدولة، ولجهاز العدالة”. واسترسل يقول “ليعلم الجميع أننا التزمنا أكثر من مرة وبكل وضوح أنه لا طموحات سياسية لنا سوى خدمة بلادنا طبقا لمهامنا الدستورية، ورؤيتها مزدهرة آمنة وهو مبلغ غايتنا”. كما أشار الفريق إلى أن تحمل المسؤولية أيا كانت ومن قبل أي كان “يخضع بالدرجة الأولى لمقياس الضمير الحي واليقظ والحس بالواجب حيال الوطن والشعب”.  وفصل بهذا الخصوص “لقد أكدنا أكثر من مرة على أن المسؤولية هي أمانة موضوعة في أعناق أصحابها، يتحملونها أمام الله وأمام وطنهم ثم أمام أنفسهم، طوال فترة ممارستهم لمهامهم، طبقا للصلاحيات المخولة لهم قانونا، وذلك بكل نزاهة وإخلاص ووفاء للعهد المقطوع”.

 

حقائق مذهلة

وشدد قائد الأركان على أن جلسات المحاكمة لرموز الفساد ستكون “علنية” التلفزيونية. وأضاف أن “الجزائريين سيذهلون من الحقائق التي ستكشفها هذه المحاكمة”، في إشارة منه إلى كبر حجم الفساد الذي سجل في هذه القضية. وبالفعل وقف الجزائريون على حقائق صادمة لمحاكمات الوزراء ورجال الأعمال. وكشفت أسئلة القاضي ووكيل الجمهورية، حجم الأموال العمومية التي تم تبديدها بسبب سوء التسيير من قبل المسؤولين المتهمين، الذين بدا على غالبيتهم الإنهاك.. الأموال المبددة كانت بعشرات الآلاف من المليارات، وتأتي تأكيدا لهول حجم الفساد، الذي تحدث عنه قائد أركان الجيش الوطني الشعبي نائب وزير الدفاع، الفريق أحمد ڤايد صالح.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. أمطار رعديــة ورياح قوية بعدة ولايــــات

  2. بريد الجـــزائر يحـذر زبائنه

  3. هذه أبرز الملفات التي درستها الحكومة

  4. تحسباً لعيد الفطر.. بريد الجزائر يصدر بيـانا هاما

  5. دولة عربية تتجه لحجب "تيك توك"

  6. توقعات أكثر الدول عرضة لنقص المياه بحلول 2050.. والجزائر في هذه المرتبة

  7. هذه حالة الطقس لنهار اليوم الخميس

  8. أول مشروع إستثماري ضخم في النعامة لخلق 1500 منصب شغل

  9. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 32552 شهيد

  10. رغم فوائده.. 7 أمراض قد تمنعك من تناول التمر في رمضان