"الحرڤة” خارج اهتمامات الحكومة والأحزاب!

جثث المترشحين للهجرة تصنع مآسي العائلات وتفجّر احتجاجات

تعبيرية
تعبيرية

المقاربة الأمنية للظاهرة لم ”تقتل” شهية “الحراڤة”

البلاد - بهاء الدين.م - أظهرت عمليات التدخل التي قامت بها القوات البحرية، سواء عبر الواجهة الشرقية أ الغربية للوطن، منذ أيام عودة نشاط شبكات الحراڤة التي تستعمل قوارب الموت لإغراء الشباب بالولوج إلى الضفة الأخرى، رغم خطورة الأرقام التي أعلنتها وزارة الدفاع الوطني من تجاوز مؤشر الظاهرة كل الخطوط الحمراء، حيث جرى توقيف أكثر من 600 شخص بينهم نساء وأطفال، ورغم المشاهد المرعبة لانتشال جثث من عرض الساحل، إلا أن ذلك لم يحرّك لا الحكومة لا الهيئات الوطنية ولا الأحزاب السياسية في التفاعل مع ملف ”الحرقة” الذي بات يصنع مآسي عائلات تفقد أبناءها إما غرقا في البحر الأبيض المتوسط، الذي أصبح مقبرة للشباب، أو بين أوضاع مزرية في دول أوربا، مثل تيهان شباب جزائريين في جبال سلوفينيا.

وهي  ظاهرة يربطها محللون اقتصاديون وسياسيون وحقوقيون في الجزائر بفشل السياسات الجزائرية المتعاقبة في إرساء مشروع اقتصادي سياسي متين واضح الأفق للشباب الجزائري. ومن الصعب جدا الوصول إلى إحصائيات ولو تقريبية عن عدد الشباب ”الحراقة”، لأن العائلات لا تشير إلى هجرة أبنائها لكونهم استخدموا طرقا غير قانونية، ولا الدول الأوربية التي تستقبل هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين تعطي إحصائيات عن عدد هؤلاء، ولكن المؤكد أن عددهم يسجل ارتفاعا سنة بعد سنة.

ولم تعد ظاهرة ”الحراقة” تقتصر على البطالين أو على من لا مهنة لهم، بل شملت أيضا الموظفين والجامعيين وأصحاب الشهادات، ولم تعد محصورة على الذكور دون الإناث، أو على الشباب دون كبار السن، وهو ما يعني أن الظاهرة بعيدة عن كونها مجرد رغبة في المغامرة أو طيش شباب، بقدر ما تكشف عن أزمة اجتماعية واقتصادية وسياسية عميقة الجذور، ما زالت تنتظر من السلطة أن ”تفهم” حقيقتها وأسبابها. وبقدر ما تثير الهجرة السرية للجزائريين باتجاه الضفة الشمالية حيرة وسط الحكومات الأوروبية التي تجد صعوبة في إيجاد المبررات لهجرة شباب من بلد غني مثل الجزائر، بقدر ما السلطات العمومية لم تستوعب الأمر، بل استخفّت بالقضية، بدليل أن أول وصفة علاجية اقترحتها لمواجهة ظاهرة ”الحراقة” لم تخرج عن الحلول السهلة التي تعتمد على العقوبات بالسجن والغرامات المالية، وهي الوصفة التي لم تؤثر قط في تقليص أعداد المهاجرين، رغم إحالة العديد من الذين أوقفهم حراس السواحل على العدالة.

ولا يكشف هذا الواقع سوء فهم للظاهرة من قبل السلطة وبالتالي الخطأ في تحديد العلاج فقط، بل القضية أبعد من ذلك، فرئيس الجمهورية رغم برنامجه الذي تعكف الحكومة على تنفيذه، خصوصا ما تعلق بإنشاء 3 ملايين منصب شغل، لم يصل خطابه إلى أسماع الشباب البطالين، حتى لا نقول لم ينجح في إقناعهم، ما يؤشر أن هناك حلقة مفقودة بين السلطة والمواطنين، إذ لا يعقل أنه في الوقت الذي تلتزم السلطات العمومية بإنشاء ملايين المناصب الجديدة ومثلها من السكن ومثلها من المؤسسات الصغيرة لفائدة الشباب البطال، تزداد وتيرة ”الحراقة” من سنة لأخرى ولا تتراجع، ويحل اليأس والقنوط محل الأمل والثقة بالمستقبل. قد يكون الشباب الحراقة قد نفد صبره، وهو الذي تمت مغالطته، كما قال رئيس الجمهورية في خطابات سابقة بـ«وعود عرقوبية كاذبة وبجنات موعودة خلف البحار”، وبالتالي وقع ضحية في كل الحالات، لأن سياسات التنمية لم تنقذه من بين أيدي السماسرة، لكونها كانت سياسات على ورق لم تجد طريقها للتجسيد من قبل الحكومات المتعاقبة.

وعندما لا تستطيع السلطة التي اعتمدت إلى حد الآن سياسات ”ترقيعية” غلب عليها الطابع الأمني وقف المهاجرين السريين من مواطنيها وليس من دول الساحل الإفريقي، فهذا دليل على فشل برنامج التنمية برمته.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 33970 شهيد

  2. رياح قوية وزوابع رملية على 5 ولايــات

  3. إطلاق خدمة بطاقة الشفاء الإفتراضية.. هذه هي التفاصيل

  4. انفجارات في أصفهان وتقارير عن هجوم إسرائيلي

  5. رهانات قوّية تُواكب مشروع مصنع الحديد والصلب في بشار

  6. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني

  7. بلعريبي يتفقد مشروع مقر وزارة السكن الجديد

  8. رسميا.. مباراة مولودية الجزائر وشباب قسنطينة بدون جمهور

  9. "الله أكبر" .. هكذا احتفل نجم ريال مدريد بفوز فريقه (فيديو)

  10. لليوم الثالث.. موجة الفيضانات والأمطار تجتاح الإمارات