أثار فشل المفاوضات بين التلفزيون الجزائري الحكومي ومجموعة "بي أن سبورتس" التابعة لشبكة الجزيرة القطرية، غضبا شعبيا بين الجزائريين عموما وعشاق الكرة المستديرة خصوصا، الذين يأملون متابعة مباريات فريقهم الحالم بتحقيق نتائج تنسي الجمهور تعثر "محاربو الصحراء" في التأهل لمونديال روسيا.
وقد غذت التسريبات المتعلقة بالجانب السياسي من مفاوضات التلفزيون الجزائري مع "مجموعة بي ان سبورتس"، غضب الشارع الجزائري على القطريين أولا ثم الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "الكاف" من جهة ثانية. إن صحت التسريبات المتعلقة بطلب مجموعة "الجزيرة" اعتماد مكتبها في الجزائر العاصمة، مقابل "تسهيل" صفقة بيع حقوق البث للتلفزيون الجزائري، فإن الحسابات السياسية تكون قد تحكمت فعلا في لعب الكرة المستديرة ونقل متعتها على المباشر لعشاقها، خصوصات بالنسبة لجمهور سجل فريقه العديد من الانتصارات سواء في الكان أو كأس العالم، مقارنة بالفرق العربية الأخرى.
وبعيدا عن إمكانية دخول هذا العنصر على خط المفاوضات الذي قد يكون تسريبا متعمدا من المفاوضين لرفع مستوى الغضب ضد القطريين، فإن جشع "بي آن سبورتس" قتل متعة المشاهدة، ومتعة "الكان" ليس في الجزائر وحسب، ولكن في غالبية الدول الإفريقية التي تتخبط في مشاكل اقتصادية وسياسية وفتن وحروب لم يبق لشعوبها سوى تلك اللحظات المسروقة من متعة الكرة المستديرة.
وفي الجانب الثاني من الحدث الصادم، فإن الجزائريين غاضبون من "الكاف" الهيئة الأولى المسؤولة عن بيع حقوق البث لمجموعة "بي آن سبورتس"، حيث فساد عيسى حياتو وحاشيته من باقي الاتحادات التي نخر الفساد هياكلها، "الكاف" باع حقوق البث مثل أي تاجر، لكنه أسقط من حساباته الحقوق الأخلاقية التي باعها هي الأخرى، وتلك حقوق للجمهور وللأفارقة الذين لا تقوى حكوماتهم على المبالغ الخيالية.
فالوضع أشبه بمن يبيع شرفه في هذه الحالة، لذلك يبدو أن الوقت قد حان لمراجعة هذه المعادلة المجحفة التي تضع ملايين البشر بيد مدفوعة من الحسابات المالية والسياسية على حساب حق الجمهور، لكن المعادلة الجزائرية لا تقف عند طرفين، بل أن التلفزيون الجزائري الذي سجل فضيحة بامتياز عندما قام بالسطو على حقوق البث للمجموعة القطرية في مناسبة سابقة لم يستوعب الدروس بعد، ولم يستعد بالقدر الكافي لهذه الخطوة أو لهذه المفاوضات التي تتحكم فيها عدة اعتبارات سياسية واقتصادية ومالية فأضاع مرة أخرى فرصة شراء حقوق البث، بسبب سياسة التجاهل التي اعتمدها إزاء المالك القانوني لحقوق البث.
فإلى متى يظل الجمهور الجزائري ضحية فساد "الكاف" وحاشيته، وجشع القطريين وتجاهل اليتيمة له؟
