ملاحقات قضائية ضد بوشوارب في الخارج

فيما يتنقل المطلوب بين دولة وأخرى بعناوين إقامة مجهولة

عبد السلام بوشوارب
عبد السلام بوشوارب

البلاد  -رياض.خ - أفاد مصدر رفيع المستوى لـ«البلاد”،  بأن السلطات الجزائرية بصدد تسريع وتيرة طلب تسليم المطلوبين من بلدان أخرى يتواجد على أراضيها العديد من المتورطين في قضايا فساد، على رأسهم عبد السلام بوشوارب الوزير الأسبق لقطاع الصناعة الصادر بحقه أربعة أحكام قضائية غيابية بـ 20 عاما سجنا نافذا في آخر قضية حوكم فيها غيابيا في ملف تركيب السيارات لرجل الأعمال الموقوف محيي الدين طحكوت.

وحسب ما توفر من معطيات فإنه لا يستبعد لجوء الجزائر في القريب العاجل،  إلى توظيف النشرة الحمراء طلبا إلى أجهزة القضاء في جميع أنحاء العالم لتحديد مواقع العديد من المتورطين واعتقالهم مؤقتا في انتظار تسليمهم أو اتخاذ إجراءات قانونية مماثلة،  وترمي هذه الإخطارات الدولية بالأشخاص المطلوبين، إلى تحديد مواقع تواجد الفارين، على غرار ملف بوشوارب الذي بات مطلوبا بموجب 4 مذكرات توقيف دولية، كون أن المتهم الفار يشكل أحد المطلوبين لدى القضاء الجزائري، وتتوفر فيه شروط إصدار النشرة الحمراء ضده كونه ارتكب عدة جرائم تمس الاقتصاد الجزائري وهو مطلوب لقضاء عقوبة بعد الإجراءات القضائية التي تمت في الجزائر بشأن ملفات فساد يتابع من أجلها “بوشوارب”، الذي ورد اسمه في جميع قضايا الفساد التي يُحاكم وحوكم فيها رجال مال بارزين من فترة حكم الرئيس المستقيل.

وتلفت المصادر التي بحوزتنا، إلى أن هذه الإجراءات الدولية تعطي الحق للجزائر في استلام الأشخاص المشمولين بمذكرات التوقيف الدولية،  مضيفة أن الاعتماد على نشرة “الإنتربول” الحمراء،  تشكل إضافة قانونية للجزائر باستقدام المطلوبين من قضائها، كون  النشرة الحمراء تعتبر بمثابة مذكرة توقيف دولية من “الإنتربول” لتوقيف أحد المطلوبين،  كما تعد آلية تُلزم الدول الأعضاء في “الإنتربول” (جميع دول العالم تقريبا)، بتسليم الأشخاص المطلوبين عند وجودهم على أراضي تلك الدول، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى أن الإنتربول أصدر 13377 نشرة حمراء سنة 2019، ضد مطلوبين في قضايا أغلبها ترتبط بالفساد. ويتولى الإنتربول إصدار النشرات الحمراء بناءً على طلب بلد عضو، وينبغي أن تمتثل النشرات الحمراء للقانون الأساسي للإنتربول ونظامه.

وتؤكد المعطيات نفسها، أن صدور هكذا إجراءات سوف يحد من تحركات المطلوبين بين دول العالم، مشددة على أن يرافق هذه التدابير الدولية، ضغط من السلطات الجزائرية على الدول التي تستضيف المتورطين في الفساد على وجه الخصوص لاعتقالهم وتسليمهم، وتفترض جهات قضائية أن بوشوارب يتنقل بين دولة وأخرى بعناوين إقامة مجهولة.

 

طلبات الجزائر تنسجم مع القوانين الدولية لمكافحة الفساد  

 في سياق متصل بالموضوع، يرى المحامي عبد المطلب غويني، أن الجزائر بإمكانها استقدام المطلوبين من القضاء الجزائري، ففي حال التركيز على مذكرات قبض عن طريق الانتربول،  التي تعتبر الجزائر أهم أعضائها في شمال إفريقيا، تقوم الشرطة الجنائية الدولية بالبحث عن مكان تواجد المعني،  ثم إذا تطابقت الأحكام ضد المعني مع قانون الدولة الموجود فيها،  على غرار فرنسا مثلا، سيتم تسليم بوشوارب عاجلا أم آجلا.

وأوضح المتحدث في تصريح لـ«البلاد”،  ان بعض المطلوبين من طرف العدالة الجزائرية عادة ما يلجأون بعد فرارهم إلى الدول التي لم توقع مذكرات تعاون لتسليم المطلوبين”. وبخصوص عدد المذكرات الصادرة في حق المعني، مثل الوزير الأسبق، عبد السلام بوشوارب، الذي يراكم حوالي 80 سنة سجنا في 4 قضايا فساد،  فرد المحامي غويني بأن العدد لا يهم بقدر ما تهم الشروط المذكورة.

على هذا النحو،  قال المحامي  أبو بكر الصديق حلمي إن لجوء الجزائر إلى النشرة الحمراء بحق الفارين المطلوبين إما للمحاكمة أو لقضاء عقوبة،  قد يسمح لها بتحقيق هدفها،  لسببين هامين، يتعلق الأول بعضوية الجزائر في الانتربول، فيما يتلخص الثاني في انسجام الطلب الجزائري مع القوانين الدولية المناهضة للفساد،  التي تنخرط فيها معظم الدول الأعضاء للانتربول، مبرزا في آن واحد، أن الملف القضائي الذي يتابع فيه بوشوارب على سبيل المثال،  يتطابق وأغلب قوانين مكافحة جرائم اختلاس المال، التي تطبقها الدول التي يرجح أن يكون على أراضيها وزير الصناعة الأسبق، خصوصا فرنسا، باعتبار أن كل القوانين التي حوكم بها أغلب المطلوبين من القضاء الجزائري موجودة في القانون الفرنسي، مثل اختلاس أموال عمومية، مبينا أن العدالة الفرنسية تقوم حاليا بالتحري في ثروات عديدة لجزائريين المتواجدين على أراضيها، فيما إذا كانت الأموال التي بحوزتهم مصدرها مشاريع مشبوهة، وفي حال التأكد من ذلك، ستوافق حتما على الطلبات، ويستشهد المتحدث بقضية عبد المومن خليفة، الذي استقدم سنة 2013 من إنجلترا إلى الجزائر بعد مسار قضائي طويل.

 

هناك دول تتعامل بمبدأ “المعاملة بالمثل”

بخلاف ذلك، يرى  القانوني أحمد عولمي أن استقدام بوشوارب على سبيل المثال، الصادرة ضده أربعة أحكام قضائية غيابية، بـ 20  سنة سجنا نافذا، الذي يرجح أنه يسافر باستمرار إلى لبنان، حيث يدير استثمارات،  مقرونة بشروط قانونية أبرزها أن تكون الدولة التي يتواجد الشخص موضوع مذكرة القبض،  قد أمضت على الاتفاقيات القضائية الدولية، علاوة على استعداد الدولة التي يتواجد على أراضيها المطلوب للقضاء للتعاون، إضافة إلى مبدأ آخر تتعامل به الدول سياسيا، والذي من شأنه أن يؤثر على مدى تنفيذ الإجراء، وهو “المعاملة بالمثل”، موضحا أن الدولة التي يتواجد بها الشخص الصادر في حقه أمر بالقبض الدولي، تعود إلى علاقاتها مع الدولة المصدرة للأمر، وفيما إذا كانت قد سبقت وتعاونت معها في مجال استقدام الموقوفين أما لا.

في هذا الصدد، تذهب ذات الجهات القضائية إلى القول إن اللجوء إلى هكذا إجراءات، يعكس رغبة السلطات الجزائرية في استقدام المطلوبين المشمولين بمذكرات توقيف دولية،  كما يترجم سياسة الوقاية من الفساد ومكافحته، التي تبناها نظام الحكم الجديد، الذي جعل مكافحة الفساد حملة مستمرة وليست ظرفية وسبق أن تمكنت الجزائر من تسلم البرلماني بهاء الدين طليبة نهاية العام الماضي، بفضل مذكرة التعاون القضائي والأمني بين البلدين .

 

بوشوارب مهندس الفوضى بشهادة “مجنون”

بعد إحالة ملف بوشوارب على المحكمة العليا، حاول عبد السلام بوشوارب التنصل من المسؤولية، والإفلات من العدالة، من خلال إرسال ملف طبي إلى المستشار المحقق يضم شهادة جنون. لكن التحقيقات الواسعة، بينت أن بوشوارب قام بشراء “شهادة جنون” من طبيب فرنسي بمبلغ 150 ألف أورو، كما أسفرت التحقيقات ذاتها، من خلال التحري في ممتلكات ومصير الأموال التي تم تهريبها، أن “مهندس الخراب”، يحوز على حسابات بنكية بالملايير في البنوك الخارجية، على غرار بنك “لاكايشا” في برشلونة ومصارف في دول شرق أوسطية .

كما كشفت تحقيقات أن بوشوارب، له أملاك وعقارات تقدر بملايير الدينارات، منها فيلا فخمة بالشراقة غرب العاصمة قيمتها تفوق 150 مليار سنتيم، تم تأجيرها لسفارة العراق لعدة سنوات قبل أن تغادرها، فيما تحولت إلى مخبأ للسيارات الفخمة والأشياء الثمينة. وتفيد المعلومات بأن ابنة أخت وزيرة سابقة من مواليد 1982، صاحبة شركة خاصة بباب الزوار تقوم بتحويل الأموال الخاصة ببوشوارب إلى الخارج، بل يحوز الوزير الهارب،  فيلا فخمة بالشراقة غرب العاصمة قيمتها تفوق 150 مليار سنتيم وأن ابنة أخت وزيرة سابقة هي كانت تتكفل بتحويل أموال بوشوارب إلى الخارج.

 

 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. طقس الخميس.. امطار غزيــرة على هذه الولايات

  2. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34305 شهيد

  3. حول طلبات التقاعد.. بيان هام من "كاسنــوس"

  4. حج 2024.. بيان هام من الديوان الوطني للحج والعمرة

  5. وفد صيني يحل بتندوف لإنجاز محطة إنتاج الكهرباء بغار جبيلات

  6. إصابة 10 أشخاص في حادث مرور بالأغواط

  7. لأول مرة في الجزائر.. بناء 11 سفينة صيد بطول 42 متر

  8. فؤاد الثاني.. أخر ملوك مصر يعود الى قصره بالاسكندرية

  9. للمستفيدين من سكنات عدل.. جلسة عمل تقنية لمراقبة العملية التجريبية للمنصة الالكترونية

  10. الجرعات الزائدة من البطيخ قد تكون مميتة في حالات معينة.. ماهي؟