المُثقف الجزائري ....راهنٌ لواقع تصنعهُ الإيديولوجيات الحديثة

في غياب كلي للأداء النقدي من طرف فواعل الثقافة بالجزائر

لم تعُد أزمة المُثقف الجزائري تقتصر على أزمة ثقافة فحسب ، بل هي شكل مُحدد وتاريخي من أزمة الكُـل الإجتماعي الذي يُميز مجتمعاتنا العربية في صيرورة تحررها الوطني من أشكال التبعية الفكرية و الأيديولوجية والثقافية ، كما لا يُمكنُ عزل الأزمة

الثقافية اليوم عن أزمة البُنية الإجتماعية المُرافقة لها . فهل يا ترى هناك ثقافة عصر أو ثقافة حضارة بالجزائر !

بمعزل عن وجودها في البُنيات الإجتماعية  ، وهل هناك ثقافة إسلامية متمايزة عن ثقافة مسيحية ؟ في أعين المُثقف الجزائري .

بالتأكيد هناك ثقافتان ، هي ثقافة الذات وثقافة الآخر ، الأول هو الذات الثقافي الذي يتمحور حول الماضي والتُراث والخصوصية والآخر هو ثقافة الحداثة والتقدم الحاصل اليوم .

وكلما إشتدت الأزمة ووقف البلد أمام تحديات ورهانات جديدة يعود الحديث حول دور النُخب وأثرها في الدولة والمجتمع، من باب صدق الرهان أو الاضطرار .

يعتبرُ الكثير من المُتابعين أن تلك النُخب قد خانت دورها النقدي وسُلطتها المُوازية بالوسط ، فلا شيء غير الزحف في سبيل مناصب وإمتيازات مادية وأخرى معنوية، لذلك فهي دائما تنتهجُ الصمت والتواطُؤ ، فمن غير المُبرر عدم التسليم بـ "القفزة النوعية" للبعد الثقافي الذي يتضحُ معالمه بأوساط صنعت إنطلاقتها نحو الطريق الصحيح بدول مجاورة ، والتي كانت عن وعيهم الكامل بالإنتاج المعرفي والإنفتاح على دراسة القضايا.

وعلى كل حال فإن ما نتوفر عليه من كتابات مُتفرقة حول هذه الإشكالية ، وحوارات مع النقاد، يظل متفاوتا سواء من ناحية الطريقة المُتبعة أو من ناحية الأسئلة التي تنوي هذه الكتابات طرحها على الخطاب النقدي حول أزمة المثقف الجزائري عُموماً.

من جهة أخرى يُمكن القول أن ظاهرة الأزمة لا تُفارق المثقف في كل مجتمع وفي كل حقبة من الحقب بقدر ما تواكب نهضة تلك الأمة من كبوتها وركودها ، فنحن في الغالب نقيس أزمة المثقف من ناحية "ترهين" الأسئلة الكبرى ومدى التفاعل أو الإستجابة للواقع.

وإذا ما نظرنا إلى عدم تفاعل الوسط مع نخبه ومثقفيه ، فإنه يمكننا أن نخرج بنتيجة وهي أنه لا شيء غير الرتابة السائدة التي أضحت تخدمُ إنطالاقة أية مثقف نحو صناعة إنتماء فكري يُوجهُ للمُتلقي ، ويدعم ما هو سائد، وطبعا لا ينبغي أن نسوي هنا بين كل القراءات فالبعض منها له أسس تصورية ويكشف عن أفق تاريخي لكننا لا نزال في حاجة إلى وقت طويل لكي نصل هذا الأفق .

المثقفون الجزائريون ، ورغم الزلزلة التي هزت الكثير من القيم لدى بعضهم ، لا يزالُ بينهم من ينفرُ من الكثير من الهيئات التي لا تتوفر على أهدافٍ مُحددة تدعمُ تطلعاتهم  ، لكن تجدرالإشارة هنا إلى أن المثقف نفسه هو الآخر قد ساهم في إتساع الهُوة بينه وبين هذه الأزمة، فالمُثقف الذي لا يلتفت إلى الأفق الفكري للأدب والمعرفي غالبا ما يساهم في تأثيث الفراغ التاريخي والثقافي ،

بمفهوم آخر ، أن المثقف يكمن في قلب نقد واقعه ،  لكن دون أن يغطي على نشاطه المتمثل تحديدا في النهوض به .

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. رياح قوية وزوابع رملية على 5 ولايــات

  2. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 33970 شهيد

  3. إطلاق خدمة بطاقة الشفاء الإفتراضية.. هذه هي التفاصيل

  4. انفجارات في أصفهان وتقارير عن هجوم إسرائيلي

  5. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني

  6. رهانات قوّية تُواكب مشروع مصنع الحديد والصلب في بشار

  7. بلعريبي يتفقد مشروع مقر وزارة السكن الجديد

  8. رسميا.. مباراة مولودية الجزائر وشباب قسنطينة بدون جمهور

  9. "الله أكبر" .. هكذا احتفل نجم ريال مدريد بفوز فريقه (فيديو)

  10. بريجيت ماكرون المعلّمة التي تزوّجت تلميذها.. في مسلسل من 6 حلقات!