العدالة تضيّق الخناق على “ناهبي أموال الشعب”

ملفات جديدة تُفتح وتحقيقات الفساد تتوسع في الولايات

المحكمة العليا
المحكمة العليا

300 شخصية سامية محل “نبش قضائي” في فضائح تبديد المال العام

 

البلاد - بهاء الدين.م - بإيداع المدير العام السابق للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل وأربعة من أبنائه الحبس المؤقت بسجن الحراش وإحالة ملفات أربعة ولاة سابقين على المحكمة العليا وقبله بأربع وعشرين ساعة فتح قضية مالك مجمع معزوز لتركيب السيارات وتورط الوزيرين الأولين السابقين أحمد أويحيى  وعبد المالك سلال، ووزير النقل والأشغال العمومية الأسبق، عبد الغني زعلان، ووزير الصناعة السابق، يوسف يوسفي، فيها، تكون العدالة قد شدّدت تضييقها على العصابة وأذرعها، خاصة مع وضع ملفات فساد ثقيلة جديدة محل “نبش قضائي”.

وبالموازاة، تشير الأصداء الواردة من الولايات إلى تسارع في وتيرة التحقيقات ولعل أبرزها استدعاء رؤساء بلديات ومدراء تنفيذيين ومنتخبين ومقاولين في ولايات عنابة ووهران وقسنطينة وسطيف وورڤلة وبجاية وتيبازة وغيرها من الولايات. وباشرت المصالح المختصة تحرياتها في ولايات محورية وتم وضع أميار ومسؤولين محليين ومقاولين رهن الحبس فيما تم منع رجال أعمال ومنتخبين من السفر في إطار العملية ذاتها.

ومنذ اندلاع الحراك الشعبي في 22 فيفري المنصرم، أبانت الدولة عن عزمها الاستجابة لمطلب الشعب، لا سيما مكافحة الفساد ومحاسبة كل من تورطوا فيه. كما يتعلق الأمر كذلك بتطهير مؤسسات البلد من هذه الآفة التي استفحلت في الإدارة وأضرت بالاقتصاد الوطني.

ورغم حرارة الصيف، لا يبدو أن قطاع العدالة معني كثيرا بالعطل السنوية، خاصة أن وتيرة الاستدعاءات تتسارع من يوم إلى آخر، وفقا لمصادر قضائية. وكشفت مصادر أمنية أن قائمة الأشخاص الذين ارتبطت أسماؤهم بملفات الفساد تضم نحو 300 شخصية ممن تقلدوا مناصب سامية، منهم وزراء ومديرو مؤسسات عمومية وخاصة، بالإضافة إلى رجال مال وأعمال.

واستفاد طيلة السنوات الماضية عدد محدود من رجال الأعمال من مبالغ معتبرة، في شكل امتيازات وإعفاءات جبائية وضريبية وجمركية.  وكانت بداية التحقيقات في ملفات فساد نظام بوتفليقة، حيث مست في مرحلة أولى مسؤولين ورجال أعمال مما عرف بالعصابة من المقربين من الرئيس بوتفليقة، خصوصا في محيطه الضيق بالعاصمة، حيث تم توقيف علي حداد وسجنه ورجال الأعمال الإخوة كونيناف ثم مسؤولين بارزين في الحكومة من خلال التحقيق مع أويحيى وسلال وعدد من الوزراء بينهم وزير حالي وهو وزير المالية محمد لوكال وولاة جمهورية سابقون.

“المنجل” في عز الحصاد

المتابع لما عرف شعبيا وعلى الشبكات الاجتماعية خصوصا بـ«المنجل” في إشارة للتحقيقات بالجملة في قضايا فساد خلال حقبة بوتفليقة، يلاحظ تغيرا في المعطيات من خلال امتداد العملية إلى ولايات عديدة وتوسعها بشكل ملحوظ هذه الأيام. وحسب المؤشرات الأولية، فإن تحقيقات الفساد عبر الولايات ستمس ولاة سابقين وحاليين ورؤساء دوائر ومنتخبين سواء أميارا أو أعضاء المجالس البلدية، إضافة إلى مديرين تنفيذيين في الولايات ورجال أعمال ومقاولين. وقال الخبير الاقتصادي عبد الحميد علوان إن الجزائر تحصي نحو أربعة آلاف ملياردير تزايد عددهم بشكل كبير خلال العقدين الأخيرين، واعتبر هذا العدد “غير منطقي، ودليل على تربح بطرق غير شرعية، مما أضعف معدلات النمو رغم توفر البلاد على كل المؤهلات الاقتصادية والوضعية السائدة ساهمت فيها الحكومات المتعاقبة”.

واعتبر علوان أن النظام السياسي في الجزائر أسس للفساد الاقتصادي، حيث حولت الهيئات الرسمية لمكافحة الفساد إلى هيئات استشارية فقط، وأفرغت من مهامها الأساسية. كما تم تجميد آليات مكافحة الفساد. وبدأت تبرز أهم القطاعات المعنية بالتحقيقات في الفساد المحلي وهي على وجه الخصوص نهب العقار والسكن والأشغال العمومية والعقار الصناعي والأراضي الفلاحية وأراضي الامتياز الفلاحي والبناء الريفي، إضافة لقطاع التضامن الوطني والمدارس والمطاعم والنقل المدرسيين.

وفي مؤشر واضح على أن الحرب على الفساد مستعرة، قال نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الفريق أحمد ڤايد صالح، إنه “لا مهادنة ولا تأجيل لمسعى محاربة الفساد”، وأن “مسعى محاربة الفساد سيتواصل بكل عزم وصرامة وثبات قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها”.

الحرب تستعر

وزاد على ذلك وزير العدل وزير العدل، حافظ الأختام سليمان براهمي الذي دعا “النيابات العامة إلى الإشراف الدقيق على التحقيقات الأولية عبر تعميق التحريات لكشف المتورطين في قضايا الفساد وحصر عائداتهم وتحديد مكان تواجدها”. وشدّد وزير العدل على أن الوقاية من جرائم الفساد ومكافحتها “تستوجب من النيابات العامة لدى المجالس القضائية الإدارة والإشراف المستمرين والدقيقين على التحقيقات الأولية للضبطية القضائية”، وذلك من خلال “تعميق التحريات بشأنها، لكشف الجناة وحصر عائداتهم الإجرامية وتحديد مكان تواجدها وإحصائها”.

وتأتي هذه الخطوة لتسبق حجز أو تجميد هذه العائدات المسترجعة، تحسبا لعرضها على الجهات القضائية المختصة للتصرف فيها وفقا لما ينص عليه القانون، يضيف الوزير، الذي اعتبر موضوع العائدات الإجرامية “حجر الزاوية” في مجال مكافحة جرائم الفساد من خلال “ضرب شريان المذنبين، أي ذمتهم المالية”. وفي هذا الإطار، أكد براهمي أن الوقاية من هذه الآفة تقتضي استغلال كافة الآليات القانونية المتوفرة واللجوء، إذا ما اقتضى الأمر، التعاون الدولي في إطار الاتفاقيات الثنائية أو الدولية المصادق عليها من قبل الجزائر، بهدف توقيف الجناة وإحالتهم على القضاء الجزائي المختص لمحاكمتهم  طبقا لقوانين الجمهورية وكذا استرجاع الأموال المنهوبة حماية للمال العام.

وأكد وزير العدل أن القضاء بما يتوفر عليه حاليا من كفاءات ووسائل قانونية “قادر على التكفل بمعالجة هذا النوع من القضايا التي تنخر الاقتصاد الوطني وتمس بكيان المجتمع ككل”، ليضيف بأن السلطة القضائية “ستكون لها بالمرصاد في إطار الشرعية القانونية وبكل نزاهة وحياد ومسؤولية”.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. أمطار غزيــرة على هذه الولايات

  2. أمطار رعدية وريـاح قوية على 14 ولايــة

  3. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 35456 شهيد

  4. من هو وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان؟

  5. توافق جزائري نيجيري على تسريع خط إنجاز أنبوب الغاز العابر للصحراء

  6. مقتل الرئيس الإيراني ومرافقيه إثر تحطم طائرتهم

  7. هذا هو موعد انتقال بن ناصر للدوري السعودي

  8. حج 2024.. بلاغ هام من ديوان الحج والعمرة

  9. وزير الشؤون الدينية يعلن استحداث رتب جديدة

  10. 6 أطعمة تنظف الكبد وتحسن عمله