دخول اجتماعي ساخن في انتظار الجزائريين

الغلاء المعيشي وتعاقب المناسبات التهم مدخرات العائلات

الجزائريون بعقلية ”اصرف ما في جيبي وربي يجيبلي”                         

 أعباء جديدة تُثقل كاهل ”الزوالي” مع الدخول الاجتماعي

 

البلاد - حليمة هلالي -  تواجه العائلات الجزائرية فترة استثنائية استنزفت مدخراتها المادية، بعد تعاقب المواسم والأعياد والعطلة الصيفية وما حملته من أفراح وأعراس ليأتي الدخول المدرسي الذي يلتهم ما تبقى من ميزانيتها، لا سيما منها المحدودة الدخل ففي ظل ارتفاع القدرة الشرائية لجأت أغلب العائلات إلى إلغاء عطلها أو الرحلات وخصصت ميزانيات إضافية لمجابهة الارتفاع والزيادات والتكفل بمصاريف ومتطلبات أبنائها مع الدخول الاجتماعي المرتقب.

وتتزايد مخاوف العائلات مع هذا الدخول الاجتماعي، خاصة وأن الجزائر تمر بالظروف حرجة جعلت الاقتصاد على المحك، فأغلب العائلات فيها شخص فقد منصبه أو تم تسريحه بسبب الأوضاع التي تمر بها المصانع. في حين نسبة كبيرة من البطالة يواجهها أرباب الأسر، ما يستلزم تغطية اجتماعية توفر لهم الاحتياجات اليومية تحافظ على ماء وجههم، نظرا للغلاء الرهيب الذي تعرفه الأسواق ومختلف الخدمات.

وحذر خبراء الاقتصاد من تراجع المستوى المعيشي للأسرة محدودة الدخل، لا سيما وأنه يشهد تدني وتدهور خطير يعجز رب الاسرة عن تلبية احتياجاتها ما قد يؤدي إلى ضغط كبير غالبا ما يكون سببا في حالات الانتحار. ويؤكد خبراء في الاقتصاد أنه على الحكومة إعادة النظر في الأجر القاعدي وكذا الأسعار والالتفات إل الطبقة الفقيرة والمحرومة من الحياة العادية.

الأعياد، الأعراس، العطل والدخول المدرسي.. الضربة القاضية لـ"الشهرية” 

وفي الوقت الذي حذر فيه أخصائيو علم الاجتماع من غياب ثقافة الادخار عند الجزائريين وصرفهم لكل ما عندهم تؤكد العائلات الراتب الشهري، لم يعد يجابه متطلبات العصر التي أصبحت متعددة ويجب مواكبتها فمثلا دخول الأطفال إلى المدرسة تصاحبه إجبارية شراء الكسوة لهم واللوازم المدرسية وهذا ما يكلف 20 الف كميزانية متوسطة للتلميذ الواحد. في حين إذا تم جمع المناسبات والأعياد فإن المبلغ سيرتفع الى الضعف، خاصة إذا علمنا أن عيد الأضحى يتطلب شراء كبش ومستلزمات المطبخ من خضر وفواكه وحلويات وحتى المشروبات.

الجزائريون يطلقون ”التقلاش” تحسبا للدخول الاجتماعي 

أدى تراجع القدرة الشرائية وتخوف العائلات من تأزم الوضع في البلاد إلى إلغاء بعض العطل والرحلات السياحية. فحسب العارفين بقطاع السياحة، فإن معدل تراجع الرحلات هذه السنة سجل نسبة كبيرة تصل إلى 40 بالمائة مقارنة بالأعوام الماضية وهذا بالنسبة إلى السياحة الداخلية والخارجية وسجلت الوكالات السياحية تراجعا ملحوظا في عدد الزبائن والمداخيل، فضلا عن المؤسسات الفندقية التي سجلت هي الأخرى تراجعا في نسب الحجوزات في الوقت الذي أرجعت الوكالات السبب إلى توالي المناسبات والأعياد وزيادة مصاريف الجزائريين، فضلا عن الحراك الشعبي الذي ألقى بظلاله على اهتمامات الجزائريين بالضروريات أكثر من الكماليات. ولم يكتف الأمر عند هذا الحد، بل إن العائلات أصبحت تختصر مصاريفها في الاساسيات، لا سيما وأن الهواجس زادت بسبب ما تمر به البلاد من أزمة الفراغ السياسي ومخافة انتقاله الى القطاع الاقتصادي، حيث تشهد الأسعار ارتفاعا غير مسبوق لذلك يتهيأ الجزائريون لمجابهة أي خطر قد يحدق بهم. ولم يتنفس الجزائريون الصعداء بعد من التكاليف الباهظة المنفقة خلال سلسلة المناسبات المتتالية والتي كانت آخرها قبل بضعة أيام من عيد الأضحى المبارك التي استنزفت جيوبهم، حتى اصطدموا بمناسبة أخرى ستأتي على الأخضر واليابس لديهم ألا وهي متطلبات الدخول المدرسي، ولعل الزيادة الكبيرة في أسعار متطلبات هذه الأخيرة بداية بالملابس والمآزر والحقائب والأدوات المدرسية وغيرها، في الوقت الذي تعرض فيه المكتبات والأسواق تشكيلات متنوعة من أدوات الدراسة بأسعار يقدرها المعنيون بالمرتفعة مقارنة بالدخل الذي يتحصلون عليه ويرتقب الجزائريون موجة أخرى للزيادات ستمس أسعار مختلف المنتوجات على غرار الأدوات المدرسية التي شهدت ارتفاعا قدره 30 بالمائة وحتى الأسواق هي الأخرى عرفت أسعار الخضر والفواكه ارتفاعا بنسب متفاوتة، ناهيك عن سعر اللحم الذي لم يعرف طريقه إلى قفف العائلات وحتى لحم الدجاج ارتفع وأصبح سعره 400 دج..

 هذه المصاريف الإضافية أجبرت العديد من المواطنين على تطليق بعض المنتوجات. فيما لجأ آخرون إلى التوجه نحو الاستدانة لتوفير مصاريف الدخول المدرسي، لا سيما أن الفترة الحالية تعد من بين أصعب المراحل التي تشهدها العائلات الجزائرية، بسبب قدوم الدخول الاجتماعي والمدرسي مباشرة بعد عيد الاضحى وموسم الاصطياف.         

هذه المناسبات استنزفت جيوب العائلات، بسبب الغلاء الفاحش في أسعار مختلف المواد والسلع وكذا الخدمات.

وتأتي هذه المعطيات في الوقت الذي كشف ديوان الوطني للاحصائيات عن تسجيله لنمو أسعار الاستهلاك في الجزائر بنسبة 7،2 % خلال هذه الصائفة. كما عرفت كافة الأسعار عند الاستهلاك زيادة خلال السبعة أشهر الأولى لسنة 2019 بنحو 90،1% مقارنة بالفترة لسنة 2018 وخص هذا التوجه نحو الارتفاع كل فئات المنتوجات، باستثناء المواد الغذائية والمواد الفلاحية الطازجة. وحسب المصدر، فإن المواد الغذائية المصنعة عرفت زيادة بـ 77،1% والمواد المصنعة بـ +97،3% والخدمات زيادة بـ 19،3% ومست الزيادات أيضا الأسعار لحوم الدواجن (+4،5 %) واللحوم الحمراء (+9،0%).

الجزائريون يفتقرون لثقافة الادخار وهذا سبب استنزافهم للمصاريف 

من جهته، أكد الأخصائي في علم الاجتماع، الزبير عروس في حديثه لـ«البلاد”، أن الجزائريين يفتقرون لثقافة الادخار، مؤكدا أن ما يملكونه يستنزفونه في المناسبات ولا يبالون بما قد يواجههم في الأيام المقبلة. 
وقال المختص إن هناك دراسة انتروبولوجية تؤكد أن الشعوب المغاربية لا تملك ثقافة الادخار وتصريف عقلاني للمصريف، مؤكدا أن أغلب العائلات تبذر أموالها في أشياء لا معنى لها بناء على المثل الشعبي ”اصرف مافي في جيبي وربي يجيبلي”، داعيا الى ضرورة الادخار والإنفاق في حدود المعقول وترك مبلغ مالي جانبا لمجابهة أي طارئ دون اللجوء إلى الاستدانة.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. غدًا الأربعاء.. أمطار على هذه المناطق

  2. أمطار غزيــرة وريـاح قوية على على هذه الولايات

  3. تثمين معاشات ومنح التقاعد و القوانين الأساسية للأسلاك الطبية وشبه الطبية للصحة على طاولة مجلس الوزراء

  4. هذه هي أبرز مخرجات إجتماع مجلس الوزراء

  5. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34789 شهيد

  6. SNTF.. انجاز مشروع جديد بمعايير عالمية

  7. حج 2024.. بيان هام لفائدة الحجاج بخصوص حجز الفنادق

  8. صدام بين إيتو والحكومة الكاميرونية.. و"الفيفا" هي السبب؟

  9. فنادق عمومية وخاصة تتعهد بتقديم أسعار مغرية للعائلات الجزائرية وجاليتنا بالخارج ابتداء من موسم الاصطياف

  10. رئيس الجمهورية : ملف الذاكرة لا يتآكل بالتقادم أو التناسي بفعل مرور السنوات ولا يقبل التنازل والمساومة