اللُغز المحير للجزائريين عند دخول موسم العطلة!

في ظل غياب مرافق الترفيه ونقص التهيئة بالجزائر

متنزه الصابلات
متنزه الصابلات

الصابــلات و”أرديس” وباب الــــزوار..

متنفس للعائـلات بالعاصمة

 

مع كل اقتراب لعطلة نهاية الأسبوع أو العطل المدرسية، تدخل العائلات الجزائرية في حيرة كبيرة بحثا عن أماكن للترفيه والتسلية من أجل تغيير الجو بالنسبة للأولاد بعد عناء الدراسة، فيما يحاول الآباء الهروب من الضغط النفسي جراء الازدحام الذي يصادفهم بشكل يومي في الشارع وفي الأماكن العمومية وما زاد من الثقل ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية داخل الأسواق، فتجد العائلات تبحث عن أماكن للخروج من الروتين المعاش يوميا.

 

استطـــلاع: هدى. ح

 

عندما تسأل غالبية الجزائريين عمّ بات يصطلح عليه بـ “الويكاند” -ترجمة من الانجليزية- فالبعض يرى أن الإجابة “صعبة” نوعا ما وتدخلهم في دهاليز عميقة غالبا ما تفشل في وجود إجابة محددة وواضحة، في ظل افتقار الجزائر لأماكن الترفيه والترويح عن النفس، ليتحول الأمر إلى واقع مفروض عليهم، ويقتنع البعض في نهاية المطاف أن “عطلة نهاية الأسبوع صارت عادية” أو “روتينية”، فهم لا يضعون “أجندة خاصة “ بالعطلة الأسبوعية يومي (الجمعة والسبت)، خاصة أنها غالبًا ما ترتبط بظروف الأولاد والالتزامات والواجبات العائلية.

وفيما ينظر البعض إلى أن عطلة نهاية الأسبوع يوم عادي كباقي الأيام، يربطها آخرون باليوم المبارك “الجمعة” ويقتصر الأمر على ضرورة التعبد والصلاة، أما قليلون فيفكرون في قضائه- ربما اليوم المتبقي من العطلة وهو السبت- خارج المألوف كالصعود إلى المرتفعات أو الذهاب إلى السهول والوديان.

أين تقضون عطلة نهاية الأسبوع؟

«أين تريدون قضاء عطلة نهاية الأسبوع؟”، سؤال يطرحه الآباء على أولادهم لمعرفة الوجهة التي يريدون الذهاب إليها بهدف الراحة والاستجمام. وهو السؤال الذي يدفع بالمتلقي إلى التفكير مليًا في إجابة تبدو للوهلة الأولى سؤالًا يحتاج إلى وقت ثم يجيب بتردد كبير: هذا هو حال الجزائريين..

وهو سؤال حاولت “البلاد” طرحه على إحدى العائلات، فكانت الإجابة متباينة باعتبار أن الأمر يدخل ضمن حسابات مادية وظروف معيشية خاصة، حسب قول البعض، اقتربنا من السيد محمد، كهل، أكد لنا أن “ظروف المعيشة اليوم أصبحت تلزم الآباء والأسر بأن يفكروا مليا للتنزه في نهاية الأسبوع لأسباب كثيرة منها بصفة خاصة ندرة الأماكن المتوفرة وارتفاع تكاليف التنزه فأقل مبلغ يمكن أن يدفع في فسحة عادية يصل إلى 5000 دج”.

من جهة أخرى، كثير منهم يرونها “استفاقة” للراحة، ويومًا لا توجد فيه التزامات مرتبطة بوقت العمل أو الدراسة، ويوم لا يحمل الضغوطات المرتبطة بوسائل النقل والسباق مع الزمن.

السفر إلى “البلاد”.. لكسر الروتين..

أضحى غالبية سكان العاصمة يتوجهون إلى مدنهم الأصلية، فهي عادة التزم بها الجزائريون القاطنون بالمدن الكبرى لتصبح وجهتهم بصفة تلقائية هي زيارة الأهل والأقارب “بالبلاد” أو المدن الداخلية بالجزائر، ففي مساء يوم الخميس يكتظ الطريق السريع بالسيارات المتجهة من العاصمة نحو ولايات تيزي وزو، بجاية، بومرداس، تيبازة، الشلف، عين الدفلى والمدية، حيث يجد الجزائريون راحتهم في المناطق الداخلية بعيدًا عن ضوضاء عاصمة البلاد سواء في شموخ الجبال أو ضفاف الأنهار واستنشاق رائحة البحر والغوص في النظر في تلاطم الأمواج.

من جهة أخرى، يعتبر البعض أن “الويكاند” بالنسبة لهم هو يوم للراحة والنوم وعدم الخروج من البيت وشحن البطاريات التي نفدت خلال أيام الأسبوع، وهو ما قاله لنا سيد في الأربعينيات إطار بوزارة الصيد البحري أن الضغط الكبير الذي يتعرض له جراء عمله الحساس والازدحام المروري المتواصل، يجعله لا يفكر في الخروج في نهاية الأسبوع.

أما “كمال” فيقول إنه يجد نفسه في انتظار نهاية الأسبوع بشوق كبير،  للذهاب إلى أسرته في منطقة خميس مليانة بولاية عين الدفلى، بعد الغياب عن أهله، وبالتالي فالعطلة بالنسبة له هي زيارة أسرته الصغيرة وقضاء وقت معها وغالبًا ما لا يخرج من بيته حتى، لأنه يجد في نهاية الأسبوع فرصة لملئ الفراغ وتعويضه بعد عمل طوال أيام الأسبوع، وانعدام أماكن للترفيه والتسلية، ماعدا المساحات الكبرى التي تم إنجازها في السنوات الأخيرة.

حالات كثيرة ترى في “الويكاند”، يومًا أو يومين، لنزع أثقال وحمل الأيام العادية بسبب الضغط اليومي في الشوارع المكتظة وظروف الحياة المرهقة، وفق ما يقول السعدي حدادي -موظف بشركة وطنية-، مؤكدًا لـ«البلاد” أنه ينتهز الفرصة للراحة وغير ذلك وغالبًا ما يخرج في نزهة مع الأولاد إلى مدينة الألعاب بمنطقة الصابلات” بقلب العاصمة الجزائرية أو نحو حديقة “دريم بارك” بالصنوبر البحري من أجل قضاء أوقات للترفيه مع الأسرة، لكن هذه النزهات مكلفة- يؤكد المتحدث.

عطلة نهاية الأسبوع للأولاد..

ولكن بأي تكلفة؟

«نملك أجمل البلدان ولكن لا نستطيع أن نستغل هذا الجمال ولا يمكن تهيئة الأماكن الخلابة التي تتميز بها بلادنا.. فنهاية الأسبوع هي عطلة خاصة بالأولاد وللأولاد فقط”، تردد السيدة فاطمة بحري، مؤكدة أن الكثير من الأسر الجزائرية تفكر في قضاء عطلة “الويكاند” خارج البيت لفائدة الأطفال فقط، فهم في نظرها من يحتاجون للترفيه أما الأبوين فيحتاجان للراحة، مضيفة أن “هناك إشكالية كبرى تواجه الجزائريين وهي المكان الأنسب لقضاء عطلة نهاية أسبوع مريحة”، وهي مشكلة عويصة بالنسبة لها ويواجهها الكثيرون بسبب نقص المرافق السياحية والمنتجعات ومراكز الترفيه في الجزائر، رغم أنها تمتاز بالمناظر الطبيعية الخلابة وتزخر بها معظم الولايات الجزائرية، إلا أن تهيئة أماكن للترفيه تبقى مشكلة كل الجزائريين، وإن وجدت بعض المرافق، في بعض المناطق، التي تعد على الأصابع، إلا أنها تكلف الكثير بالنسبة لأسرة عدد أفرادها ستة مثلًا.

“الويكاند” للمرأة العاملة.. يوم للأعباء

بينما ترى المرأة العاملة، نهاية الأسبوع، يومًا مثقلًا بأعباء الأشغال المنزلية، وتنظيف البيت والقيام بترتيبه لاستقبال الضيوف، خصوصًا إن كان ذلك يتعذر عليها في سائر أيام الأسبوع لسبب أو لآخر، فغالبًا ما يجد الجزائريون الـ«ويكاند” نسخة مكررة عن سابقه ليدخل الأمر في الروتين الأسبوعي بالنسبة لهم، ويشكل معضلة كبيرة في حالة التفكير في قضاء عطلة في نهاية الأسبوع خارج البيت ببرنامج مسطر.

فعادة الجزائريين في يوم الجمعة أنه يوم مبارك يتم فيه جمع العائلة حول الأطباق التقليدية يترأسه “الكسكسي” أو الشخشوخة والرشتة عقب أداء صلاة الجمعة، وبعدها تبدأ الزيارات بين الأهل والأقارب ليصبح “الويكاند” التزامًا متعارفًا عليه وسط العائلات الجزائرية.

 

ولاية الجزائر تستحدث “الصابلات” وتبحث عن مرافق ترفيهية

أكد المكلف بالإعلام لولاية العاصمة أن نقص التهيئة العامة ساهم في غياب إطار تنظيمي خاص لإنشاء مرافق ترفيهية للعائلات، إلا أن المنظومة العامة لأجندة ولاية الجزائر تدعي إلى خلق مرافق متنوعة وبصورة فنية هندسية لإعطاء طابع ترفيهي لفائدة العائلات الجزائرية. وأشار المتحدث إلى إنشاء عدة مساحات واسعة كانت تدخل في إطار المشاريع النائمة، إلا أنه مع سيرورة النشاطات التي باشرتها ولاية الجزائر في تحقيقها سمحت لإنشاء عدة مرافق نالت استقطاب واسع للعائلات الجزائرية منها خاصة الصرح الترفيهي الضخم “السابلات”. ويشار إلى أن ولاية الجزائر عمدت إلى تخصيص ميزانية خاصة لتحقيق أكبر قدر من الترفيه للعائلات في قلب العاصمة، وتسعى في نفس الوقت لإيجاد متنفس للعائلات في جو يضفي فيه رائحة النسائم البحرية، بعيدا عن ضوضاء المدينة. وقد أصبح متنزه “الصابلات” يستقطب آلاف العائلات على مدار السنة، ناهيك عن الإقبال الكبير الذي يشهده خلال فصل الصيف وفي شهر رمضان المعظم. وبالنظر إلى كل المعطيات الطبيعية، تسعى الجزائر لتغيير واجهاتها المعمارية والفنية للالتحاق بالركب الحضاري الذي يعطي لها لمسة فنية ومعمارية خاصة بها.

 

مؤسسة الديوان الوطني للسياحة:

نملــك الإمكانات ولكن نفتـــــــقر للتهيـئة

اللازمــة

 

سطر الديوان الوطني للسياحة، برنامجا خاصا لإعادة الاعتبار للجو السياحي بالجزائر، منها جولات ترفيهية لاكتشاف الأماكن السياحية التي تضفي جو المتعة والترفيه للأسر الجزائرية، وحتى السياح الذين تجدهم يبحثون عن أماكن لقضاء عطلتهم والاستمتاع بالمناظر الطبيعية بعيدا عن الروتين الذي طبع حياتهم اليومية.

كشف المكلف بالإعلام بالديوان الوطني للسياحة عادل قانا، في تصريح لـ«البلاد”، عن اتفاقيات وقّعت مع الأماكن الأثرية بالجزائر والمتاحف المنتشرة عبر مختلف المناطق في الوطن، مؤكدا أن ذلك يهدف إلى “إدراج منظومة خاصة للتجوال والتعرف على أهم الأماكن الأثرية”، موضحا أن هذا ما تسعى إليه الوكالات السياحية بالجزائر التي تعد 35 وكالة موزعة كل التراب الوطني لتقديم أحسن البرامج السياحية، بعيدا عن ضوضاء المدينة من خلال أسعار تفضيلية والخروج من العاصمة نحو البلدان الداخلية لتكون فرصة للجزائري للوقوف على أهم المحطات الاستجمامية منها زيارات للحمامات والأماكن الأثرية، وهو البرنامج الذي اعتمدته الوكالة لزيارة مدينة بسكرة مثلا، يضيف محدثنا “حيث قمنا بإدراج زيارة لشرفات غوفي المشهورة والتمتع بمناظرها الخلابة وزيارة غابات النخيل المنتشرة بالمدينة وبأسعار جد معقولة، وهو نوع من التقليد نعتمده للخروج عن المألوف إلى جانب الأماكن السياحية المنتشرة عبر كافة أركان الوطن”.

وعن لجوء الجزائريين إلى المساحات الكبرى كنوع من الاستمتاع، خلال عطلة نهاية الأسبوع، في ظل غياب الأماكن الترفيهية للتمتع بالإجازة، قال محدثنا “إن هذا يدخل ضمن رغبة الأسر في تغيير يومهم نوعا ما، والابتعاد عن الروتين في ظل تقليد اعتاد عليه الجزائريون منذ القِدم”، وأضاف “باعتبار أن المساحات الكبرى تعتبر ملجأ الأسر بحكم أن إنجاز هذا النوع من المساحات الكبرى يعتمد على العصرنة التي تشتهر بها البلدان المتقدمة التي تعرف انتشار المراكز التجارية بكثرة وهو ما نجده في دول الخليج والأوروبية بصفة خاصة”.

من جهة أخرى، يرى المكلف بالإعلام بالديوان الوطني للسياحة والأسفار أن الديوان يعتمد في سياسته على تنظيم رحلات داخل وخارج الوطن والغوص في الصحراء الجزائرية الشاسعة مع توفير كل الإمكانات اللازمة لضمان رحلة ممتعة منها تنظيم نشاطات ترفيهية للشباب والأطفال للخروج عن الروتين كزيارات للمتاحف والأماكن الجبلية الشاسعة بتكجدة في جولة لا تتعدى تكلفتها 700 و1000 دج.

وفي السياق، قام الديوان الوطني للسياحة بتنظيم جولة بالعاصمة في إطار البرنامج الإعلامي للمؤسسة قصد الترويج للوجهة السياحية الجزائرية وبمناسبة أيضا انطلاق منتجات سياحية جديدة، وشمل البرنامج موقع القصبة للترويج للمنتوج الثقافي والتاريخي وكذا التوجه إلى غابة “بينام” للقيام بنشاطات رياضية وترفيهية ممتعة.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. أمطار ورياح قويـــة على 33 ولايـة

  2. أمطار رعدية وريـاح قوية على 14 ولايــة

  3. بتأكيد من "الفيفا".. السعودية تحصل على سبق تاريخي مع استضافتها مونديال 2034

  4. صوامع الحبوب.. رهان الجزائر لتقوية الإنتاج الزراعي و تحقّيق الأمن الغذائي

  5. وزير الشؤون الدينية يعلن استحداث رتب جديدة

  6. الفريق أول شنقريحة يشرف على تمرين "الحصن - 2024"

  7. بريد الجزائر.. هذه مدة الاحتفاظ ببريد الزبائن على مستوى المكاتب

  8. الجوية الجزائرية: هذا موعد أول رحلة للحجاج إلى البقاع المقدسة

  9. الجزائر وسلوفينيا تطلبان عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول رفح

  10. بداية جديدة.. ألفيش يزاول هذه المهنة بعد خروجه من السجن