لطيفة.ب- اضطر شاب جزائري للهجرة غير الشرعية لأجل كسب لقمة العيش بعيدا عن معاناته الاجتماعية المزرية، فتمكن من التجوال بين عدة دول أوربا الشرقية قصد بلوغه هدفه، غير أن سوء حظه كان يحول دون تحقيق حلمه ليضبط ويرحل إلى بلده الجزائر، ومع ذلك لم يفشل.
وشد العزم لتكرير تجربته لمرات عدة إلى أن ضاقت به السبل واضطر للسرقة في تركيا فوجد نفسه في عنبر جمعه بأتباع "داعش"، لاحقته أفعالهم بعد ترحيله إلى الجزائر ، ليلقى مصيره خلف أسوار السجن عن تداعيات قضية إرهابية.
وتعود أحداث هذه القضية إلى غضون شهر أكتوبر 2018، في إطار التحقيقات والتحري للحفاظ على أمن الدولة من جرائم الإرهاب، حيث وردت معلومات عن جزائري مقيم بالجزائر يتواصل بأشخاص متواجدين في تركيا وهم ما عائلة إرهابي مسجون بالسجون التركية كان ينشط ضمن ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا "داعش" يدعى "علي الليبي".
ومن خلال الترصد للمبلغ عنه تم توقيفه واتخالذ الإجراءات القانونية اللازمة ضده، حيث صرح في خضم التحقيق معه، أنه واثناء تواجده بتركيا تم توقيفه وسجنه عن ارتكابه جريمة السرقة، وخلال تواجده بالسجن تعرف على أشخاص أعجب بأخلاقهم التي وصفها بـ "السامية"، بينهم المكنى "علي الليبي" كما تحصل على جهاز هاتفه، ولما رحل إلى الجزائر استعمله للاتصال بعائلة المعني ومعارفه.
كما اتصل بزوجته عبر تطبيق "الوات ساب"، وأضاف أنه تلقى رسالة نصية بتاريخ 2 أفريل 2019، تتحدث عن عن الضابط العسكري "خليفة بقاسم حفتر" قائد ما يعرف بالجيش الليبي، ما يدل، بحسب المحققين، عن وجود شبكة إرهابية تم التواصل معها ، لغرض ما.
كما ورد في الملف أن المتهم سرد للمحقيقن عن تفاصيل معارك قادها السجناء الذين اختلط بهم بسجن تركياو نشاطهم ضمن تنظيم "داعش" بسوريا والعراق.
غير أن المتهم (خ.ح) الذي نسبت له تهما ارتبطت بجناية السفر ومحاولة السفر إلى دولة أجنية بغرض الانخراط في جماعة إرهابية تنشط بالخارج باستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، وخلال مواجهته بالتهم المنسوبة له، امام محكمة الجنايات الإستئنافية لدى مجلس قضاء الجزائر، أنكر ما نسب له.
وشدد أمام هيئة المحكمة، أنه ظروف المعيشية القاسية، اضطرت للهجرة غير الشرعية منذ أن كان عمره 19 عاما، حيث تمكن من الهجرة ثلاث مرات غير الحظ لم يحالفه وكانت مصالح البلد الذي يقصده تضبطه وتعيد ترحيله إلى الجزائر، موؤكدا أنه جال كل بلدان أوروبا الشرقية، وكانت آخر رحلة له نحو تركيا التي اتخذها كمعبر لـ "الحرقة" نحو أوروبا.
غير أن حلمه لم يتحقق وضاقت به سبل معيشته ولم يجد حتى ما يسد به رمق جوعه بعدما انقضت تأشيرته بـ 9 أشهر عن مدتها، فاضطر للسرقة وهي الواقعة التي جرته للسجن وحكم عليه لأجلها بـ 3 أشهر حبسا ، قضى منها شهر حبسا نافذا ثم حول للسجن المخصص للمهاجرين غير الشرعيين لقضاء عقوبته عن هجرته السرية قبل ترحيله إلى الجزائر، وهناك التقى بمجموعة من العرب.
واضطر للاحتكاك بهم بحكم اللغة التي تجمعهم، بينهم، أنور المغربي، محمد الداغستاني، حسام المصري وعلي الليبي، الذين جمعه بهم عنبر واحد، وانبهر بأخلاقهم العالية سيما منهم علي الليبي الذي كان يتمتع، حسبه، بشخصية محترمة، وأضاف المتهم أنه كان ذو سيرة سيئة ويتعاطى المحرمات والممنوعات.
غير احتكاكه بتلك المجموعة أرجعته إلى جادة الصواب بعدما أحسنوا معاملته وحثوه على الصلاة، كما قال أنها كانت المرة الأولى التي يلقى فيها معاملة حسنة وأنه تعلق بهم لأنهم عاملوه كإنسان، نافيا في الوقت ذاته علمه بأنهم كانوا من ضمن عناصر داعش ، بل أن التزامهم جعله يخمن ذلك.
وعن تواصله بزوجة "علي الليبي" قال أنها هي من اتصلت به بعد نحو شهر ونصف من ترحيله إلى الجزائر عن طريق هاتف نقال منحه إياه شرطي بسجن تركيا، حيث طالبته وبعض من معارفها بضرورة إرجاعه لهم كونه ملك لزوجها المسجون، وبعد عجز عن ذلك وبفعل إلحاحهم اضطر لمسح التطبيقات التي كانت بالهاتف وقام ببيعه مقابل 5ملايين سنتيم لسد متطلباته اليومية.
وعلى وقع التهم المنسوبة له التمس ممثل النائب عقابه بـ5 سنوات سجنا و500 ألف دج غرامة نافذة، قبل أن تقضي المداولة القانونية ببراءته.