ثلثا أعضاء مجلس الأمة من المنتخبين المحليين.. هذا يعني ـ بكل تأكيد ـ أنهم من منتوج أحزاب الموالاة.. منتوج لا يشتريه أحد بدرهم.. بل هو من يشتري نفسه بأي ثمن.. ولعلكم تعرفون.. كيف يباع ويشترى أمثال هؤلاء.. في سوق لا تعترف بالأخلاق.. ولا تلتفت للكفاءة.. بل تكتفي ـ كما يفعل باعة المواشي ـ بلمس رقبة الخروف.. لتقرر ما إذا كان يصلح “سيناتورا”.. أم يؤجل إلى الموسم التالي.
إذا.. نحن نعرف هُوية الثلثين.. من أين يأتون؟ ماذا يملكون؟ وماذا يريدون؟ وأين ينتهون؟ فماذا عن الثلث الباقي.. المسمى بالثلث الرئاسي.. هويته وإمكاناته في القفز والتشبث وعبور الأسلاك الشائكة.. بلغة السياسيين الذين يشتغلون كمقاولين من الباطن؟
دستوريا وأخلاقيا ووفاء لضمير الأمة.. واتساقا مع مصلحة المجتمع والدولة.. يفترض في هذا الثلث أن يعالج ـ بتعيينه ـ.. كل اختلالات مجلس الأمة.. التي تنبع من قواعد أحزاب الموالاة وتتكرس في الأعلى.. وهو الحافظ لتوازن المجلس.. كي لا يفقد تركيزه ويسقط خارج شبكة الأمان.. وهوالضامن بأن أثمن عقول الأمة موجودة حيث يجب أن تكون.. وليست مقصاة أومتروكة لتموت على قارعة الإهمال.
من وجهة نظري.. تسعون في المائة على الأقل من الأسماء المرشحة في نطاق هذا الثلث.. هي أسماء “ثورية” أو”حزبية”.. لمن لا يزال يؤمن بمقولة الثورة ونظرية الأحزاب.. وقد تكون طيبة في ذاتها.. ولا غبار على تاريخها وسيرتها.. لكنها أسماء لا تملك أن تفكر.. ولا أن تبادر.. ولا أن تنتفض.. حين ترى ما يقتضي انتفاضة “ شيوخ “.. لهم اعتبارهم ـ افتراضا ـ.. ويملكون الكثير من الطلقات التي تصيب بدقة لو أرادوا ذلك.
ما أراه.. مجرد أسماء تأتي وأخرى تذهب.. تشريفات وتبريكات تقدم على مائدة المجلس.. محفوفة بالكثير من التبجيل والتوقير المبالغ فيهما.. عناوين كبيرة لمواقع صغيرة.. وعمليا يعمر الشيخ في المجلس ست سنوات.. تعود عليه بالخير العميم والامتيازات ورغد العيش.. ثم يتلاشى.. وأصر على لفظ “يتلاشى”.. لأنه يغادر المجلس دون أن يخلف أثرا.. أو يترك إرثا تستلهم منه “الأجيال التائهة”.. ما يدلها على الطريق .
أتحدى.. من يدعي أنه يعرف شيئا عن هذا الثلث.. الحاضر الغائب!
