المشكلة.. ليست في الكتاب الديني

الانحرافات الفكرية والدينية.. غالبا ما تطال أشخاصا يفتقرون إلى مستوى علمي وثقافي مناسب..

هل نحن بحاجة إلى مرسوم تنفيذي.. لضبط عملية استيراد الكتاب الديني؟ ولماذا الديني تحديدا؟ وهل نملك تعريفا محددا للكتاب الديني؟ ثم.. ماذا عن الكتب غير الدينية.. التي تطعن في هويتنا وتروج للائكية والإلحاد والإباحية والأيديولوجيات الشاذة؟

مشكلة الكتاب الديني.. ظهرت بحصر عناوين بعينها يُحظر وجودها في معرض الجزائر الدولي للكتاب.. ليشمل الحظر على سبيل المثال كتبا للشيخ الدكتور يوسف القرضاوي.. وهي كتب عادية ومتداولة على غرار كتاب الحلال والحرام في الإسلام.. فكأن المشكلة ليست في الكتاب إنما في صاحب الكتاب.. في رؤاه ومواقفه واجتهاداته وقراءته للأحداث.. أعني بذلك الوجه السياسي للموضوع!

المرسوم التنفيذي رقم 17ـ 09   المؤرخ في 11 يناير 2017 الذي يحدد شروط وكيفيات الترخيص المسبق   لاستيراد الكتاب الديني.. يُلزم قبل استيراد هذا الكتاب الحصول على (الترخيص المسبق من طرف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف).. كما يشترط (أن لا تمس مضامين الكتب الدينية المراد استيرادها بالوحدة الدينية للمجتمع وبالمرجعية الدينية الوطنية وبالنظام العام والآداب العامة والحقوق والحريات الأساسية...).. ومن الناحية النظرية.. قد يبدو هذا الإجراء الاحترازي وجيها.. لسدد الباب أمام موجة الأفكار والمذاهب الهدامة.. لكنه عمليا قد يكون عديم الجدوى.. ويخلف من التساؤلات أكثر مما يقدم من إجابات.

أولا.. نحن نعيش عصر الكتاب الإلكتروني الذي يحل تدريجيا محل الكتاب الورقي ـ والشيء نفسه بالنسبة إلى الصحافة المكتوبة ـ.. وهو كتاب متاح للجميع ويمكن تحميله بغير ثمن.. ولا يخضع لأية ضوابط رسمية.. قد تحد من تداوله.

ثانيا.. ملايين المواقع الإلكترونية ـ لا أتحدث هنا عن الكتب ـ.. تعرض مادة فكرية تغني عن الكتاب نفسه.. وهي جذابة ومغرية.. وتتوفر مكتوبة ومسموعة ومرئية.

ثالثا.. الانحرافات الفكرية والدينية.. غالبا ما تطال أشخاصا يفتقرون إلى مستوى علمي وثقافي مناسب.. وقد يكونون من المتابعين جنائيا.. خاصة عندما يتعلق الأمر بالأفكار التي تروج للإرهاب والعنف.. ومن ثم لا يمثل الكتاب مرجعية في حد ذاته.. بقدر ما تتسلل الأفكار القاتلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. التي تتعذر مراقبتها.

رابعا.. مفهوم “الوحدة الدينية للمجتمع والمرجعية الدينية الوطنية”.. بحاجة إلى قراءة دقيقة.. فهي حمالة أوجه كما يقولون.. ويمكن تأويل هذا المفهوم حسب الحاجة والتوجه الفكري للمكلفين بالقراءة على مستوى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف.

خامسا.. الحصانة الفكرية والدينية والمذهبية للمجتمع الجزائري.. بحاجة إلى رؤية علاجية تتجاوز مجرد حظر بعض العناوين.. إلى إعادة النظر في فهمنا للأشياء والحقائق كما هي.. وليس كما نريدها نحن. 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. أمطار غزيــرة على 24 ولاية

  2. أمطــــار رعدية على 28 ولايـة

  3. توقيف 7 أشخاص في قضية غرق أطفال بمنتزه الصابلات

  4. العثور على شخص مفقود منذ 1998 في الجلفة

  5. تقارير صحفية: شجار عنيف وقع بين مبابي والخليفي وهذا هو السبب

  6. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 35173 شهيد

  7. هل يعلم الرئيس المدير العام لـ "اتصالات الجزائر" ماذا يحدث في وكالة بئر مراد رايس؟

  8. والي وهران: "قانون التسوية العقارية 08-15 نقمة أكثر منه نعمة "

  9. إعانة بقيمة 3.5 مليار دج لإعادة بعث نشاط أنيام

  10. وزارة الداخلية تتخذ عدة تدابير لانجاح امتحانات البكالوريا والبيام