الظاهر أن الأمين العام لحزب ”ج ت و« السيد ولد عباس ما عاد يلقي بالا لتصريحاته.. التي تبدو شاذة وغريبة في أغلب الأحيان.. وأكثر من هذا مخالفة للحقيقة.. ولا ينتبه للواقع الذي يتحول لديه إلى مجرد صورة مرسومة بكلمات فارغة المحتوى.. ولا يدرك أن العالم من حولنا ليس إطارا لمقارنة فاشلة أو مغشوشة.
كان يمكن أن نتقبل مقارنة مع تونس أو المغرب.. وسندعي حينها أننا نتفوق على جيراننا في أشياء كثيرة .. إن كان ذلك صحيحا.. وأن ندعي أن ”الدعم الاجتماعي” في بلادنا جيد قياسا بهم.. فدعم أسعار المواد الأساسية.. وضمان التعليم المجاني.. وخدمات الصحة العمومية التي تقدم مجانا في المستشفيات والعيادات الحكومية.. وتوفير السكن الاجتماعي.. ودعم أنماط أخرى من السكن على غرار السكن الترقوي والسكن الريفي.. والتكفل بالفئات الهشة.. كلها عنوان سياسة اجتماعية جيدة ومطلوبة.. لكن من قال إننا أفضل من السويد أو فنلندا أو النرويج على سبيل المثال؟
التصريحات الجوفاء التي جرت موقعا إعلاميا سويديا إلى الرد على ادعاءات ولد عباس.. توحي بأن الرجل قد ذهب بعيدا في التطاول على الحقائق.. فقد ذكروه أن ما قاله ”لا يظهر في الإحصائيات العالمية”.. أي إنكم خارج التصنيف.. ولا داعي للتطاول.
لو عاش ولد عباس في إحدى دول شمال أوروبا.. ربما اختار الصمت عن الكلام دهرا.. ولأن الكلام عندنا لا يكلف فاتورة أو كشف حساب.. فسيحلو للبعض إذا ما قرروا الضحك على أذقان الآخرين.. أن يقولوا ما يحلو لهم.
لا وجه للمقارنة.. فالمسألة لا تقتصر على الأرقام المجردة.. بل ترتبط بنوع الخدمة المقدمة أولا.. والفئات المستفيدة منها ثانيا.. فعلى سبيل المثال.. ستجد مليارديرا عندنا ـ لا يدفع ضريبة الثروة ـ يعالج في المستشفى العمومي.. وقد تتسنى له الأولوية على غيره من الفقراء والمعدمين.. والمواد الأساسية المدعومة.. قد تشكل بالنسبة إلى فئة من أصحاب الأنشطة مصدر دخل إضافي (الحليب المدعوم الذي يحصل عليه أصحاب المقاهي مثلا).. ثم هل يتلقى المحتاجون فعلا نصيبهم من هذا الدعم؟ وهل تتولى المصالح المعنية إحصاء الفئات الهشة دون أن تغفل أحدا؟
نحن أفضل من السويد.. هكذا يقول ولد عباس المطالب بتقديم الدليل.. وإلا تقدمت هذه الدولة أو غيرها من دول الرخاء والعدل.. بدعوى ضده بتهمة إشاعة بلاغ كاذب.
