مجتمع يقرأ.. مجتمع لا يموت

لا نعلم عن مجتمع بلغ الأوج علما ونظاما وحرية.. وهو ينصب العداء للقراءة..

إذا صدقت الأرقام التي تتحدث عن نصف مليون زائر في يوم واحد لمعرض الكتاب الدولي في الجزائر ـ طبعة 2018ـ .. فهذا يعني أن الدنيا لا تزال بخير.. وأن العقل الجزائري المتهم بالتكلس لا يزال حيا.. وإن ما يشاع عنه من أنه لا يلتفت للكتاب وينبذ القراءة.. فيه تجن كبير عليه.. ولا معنى أن يقال إنهم مجرد زوار فضوليين للمعرض لا أكثر.. إذ يكفي أنهم جاؤوا إلى المعرض ولم يذهبوا إلى مكان آخر.. بل إن منهم من سافر مئات الكيلومترات ليصل إليه.. ثمة شيء إيجابي يجب تثمينه.

لماذا نعقد الصلة بين القراءة والحياة؟

أولا.. لأن المجتمعات الحية تقرأ.. ولا نعلم عن مجتمع بلغ الأوج علما ونظاما وحرية.. وهو ينصب العداء للقراءة.. أو يُهمل دور الكتاب.. أو ينتقص من مكانة الكاتب.. صحيح أنها مجتمعات استهلاكية.. غارقة في ماديتها.. لكنها مجتمعات تقرأ كثيرا وتكتب كثيرا.. وهذا ما يؤهلها لحفظ توازنها النفسي والفكري.. وحتى السلوكي.

ثانيا.. بناء الوعي وصناعة الرأي العام.. وبناء منظومة أفكار متجانسة على مستوى الجماعة والأفراد.. لا يتسنى بغير القراءة.. وهذا ما يجعل الغربي والياباني وغيرهما يقرأون كثيرا.. ويؤسسون لمواقف تنم عن حكمة ودراية (اختيار الناخبين مثلا).

ثالثا.. القراءة موصولة بالحرية.. فمن يقرأ يتحرر.. ومن يتكوم في قوقعة الحاجات اليومية البسيطة.. يظل رهينة جهله واستعباده.. في السياسة كما في الهوية.. ومسائل حقوق الإنسان عامة.

رابعا.. في ضوء المؤشرات الرقمية عن واقع المقروئية في العالم العربي.. وفي الجزائر تحديدا.. نخلص إلى تفسير جزء من تخلفنا.. وهذه المآسي التي تحاصرنا من كل جانب.. وتنكل بحاضرنا.. وربما تطيح بمستقبلنا.. أقول ننتهي إلى تفسيرها بغياب الوعي الذي تصنعه القراءة.. فنحن بالكاد نقرأ شيئا أونكتب شيئا (نسبة شبه صفرية).

خامسا.. المعرض الدولي للكتاب مناسبة ثمينة.. يجب الحفاظ عليها وتطويرها.. وتعميمها إلى معارض جهوية وولائية.. ليتسنى لأقصى عدد ممكن من الجزائريين الاطلاع على عالم الكتب والنشريات.. واستحداث نوع من الاحتكاك المتكرر بينه وبين الكتاب.. نحن في الجزائر بحاجة إلى ترسيخ صداقة دائمة بين القارئ والكتاب.. فالحرية والحياة تنبعان من الكلمة.. وصلتنا بالسماء تبدأ من دنيا القراءة.

سادسا.. أذكر كيف كانت سياسة دعم الكتاب داعما قويا لاقتنائه في الثمانينيات من القرن الماضي.. لكنها تلاشت للأسف كما تلاشت موارد فكرية أخرى على غرار ملتقيات الفكر الإسلامي.. واليوم لا يمكن الاحتجاج بالعجز المالي لتبرير غلاء أسعار الكتب والنشريات.. فالحياة لا ثمن لها.

 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. طقس الخميس.. امطار غزيــرة على هذه الولايات

  2. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34305 شهيد

  3. حول طلبات التقاعد.. بيان هام من "كاسنــوس"

  4. حج 2024.. بيان هام من الديوان الوطني للحج والعمرة

  5. وفد صيني يحل بتندوف لإنجاز محطة إنتاج الكهرباء بغار جبيلات

  6. إصابة 10 أشخاص في حادث مرور بالأغواط

  7. لأول مرة في الجزائر.. بناء 11 سفينة صيد بطول 42 متر

  8. فؤاد الثاني.. أخر ملوك مصر يعود الى قصره بالاسكندرية

  9. الجرعات الزائدة من البطيخ قد تكون مميتة في حالات معينة.. ماهي؟

  10. للمستفيدين من سكنات عدل.. جلسة عمل تقنية لمراقبة العملية التجريبية للمنصة الالكترونية