لست مع ولا ضد جماعة 19.. فمن حيث المبدأ هم جزائريون.. سواء ترعرعوا في حضن السلطة.. أم وقفوا على مسافة منها.. يرمونها بالحجارة أو يدعون بحرارة عليها.. فباب التوبة السياسية مفتوح.. بشرط أن تكون توبة نصوحا.. تقترن بإعادة المظالم إلى أهلها.. أعني الشعب برمته.
لا يهم أين كانت خليدة.. فهي بماضيها المتذبذب.. لا تمنحنا القدرة على تحديد موقعها بدقة.. هي كالإلكترون في عالم الجزيئات.. كلما رصدت موقعه.. قفز إلى موقع غيره.. كأنه يأبى أن نراه.. ولعل خليدة من هذا النوع.. وإن أطالت المكث في مكان بعينه أحد عشر عاما بالتمام.
وبجانب خليدة يجلس الحلزون العنيد.. جاهدا في تسلق شجرة السياسة بحذاء الأدب الثقيل.. ومعهما جمع من ”الشخصيات” القلقة.. الذين يريدون مقابلة الرئيس.. لأن لديهم مفاجآت له.. قد لا تسره بل تغضبه.
الجماعة تقول إنهم لم يتلقوا ردا على طلبهم.. وهم ينتظرون أن يلتفت الرئيس إليهم.. ويأخذهم بعين الرحمة والمودة.. وغفلوا عن حقيقة أنهم تلقوا ما لا يحصى من الردود.. من داخل السلطة ومن خارجها.. تراوحت بين الإزدراء والإعراض.. وبعض العبارات النابية.. وشيئا من التشفي.
ما يعنيني في الموضوع.. شيء مختلف تماما.. غير ما تتداوله الجماعة.. أوما يرُد به خصومهم.. أسأل أولا.. هل الجماعة على قدر من الشجاعة يؤهلها لطلب المقابلة؟ أشك في هذا.. لأن الشجاعة تقتضي قول الحقيقة.. واحتمال تبعاتها.. وليس القفز عليها وإنكارها.. وثانيا.. هل تثبت الجماعة على موقفها بعد مقابلة الرئيس ـ إن حدث هذا طبعا ـ؟ أخشى أن يكون حالهم.. كحال قريش حين أرسلت أحد كبرائها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.. فعاد إليهم مرتعبا.. حتى قال بعضهم.. ”نحلف بالله لقد جاءكم أبوالوليد بغير الوجه الذي ذهب به”.
هي حالة الخلط والخلط المضاد.. لا ندري ما القصد الشخصي منها.. لكننا نعلم يقينا.. إلى أين ستفضي.. يصبحون على أمر ويمسون على خلافه.. يقولون اليوم كلاما.. ويبرؤون منه غدا.. يتمترسون حاليا في موقع.. ثم يقفزون لاحقا إلى آخر.. فهل فهمتم شيئا؟!
