في العالم العربي.. دون غيره من بلاد الله.. تتسع الأوطان لمرضى العقد النفسية ـ دون غيرهم ـ.. في أعلى هرم السلطة كما في أدناه.. ويتسلط على الشعوب ـ المغلوبة على أمرها ـ المجانين بالفطرة.. وخريجو المصحات العقلية ممن لا أمل في شفائهم .. ويتشارك الجميع في حضرة المجذوب الأكبر.. على وقع الغناء والفناء والتصفيق والتلفيق!
قديما.. لم يكن الحلاج يملك سوى جبته.. فأشار إليها.. ونادى فيمن حوله “يا قوم: ما في الجبة غير الله”.. وكذلك يفعل حلاج مصر الجديد.. يدعو شعبه ألا “يثق في أحد غيره”.. فهو على خلق عظيم.. وذو القوة والجبروت الذي يملك “أن يزيل من على وجه الأرض.. كل من يفكر في الاقتراب من مصر”.. مجرد الاقتراب!
***
في التاريخ كله.. لم نقرأ أن حاكما جلس في السوق.. وعرض نفسه للبيع.. إلا ما مماليك مصر.. الذين باعهم العز بن عبد السلام.. كي يحررهم؟!
اليوم.. يتمنى السيسي لو يُعرض للبيع.. ويأتي من يشتريه.. “عشان نعمل للناس ما يليق بهم... والله العظيم لو ينفع اتباع لاتباع”.. ومن ثمن المبيع.. يحرر المصريين من طول الانتظار في طابور “الرز” الخليجي.
في مصر تحديدا.. لا تكمن المشكلة في بيع الرئيس.. بل في من يشتريه؟ فهل يوجد أصلا من يدفع فيه درهما.. ليحتفظ به ضمن مقتنياته الخاصة؟ وهل تؤهله خصاله ليزايد عليه المشترون؟
***
في ظني.. لا أحد سيشتريه.. فمن عرض نفسه مجانا.. لا يستحق أن يباع.. ألم تقبض إسرائيل بضاعتها.. في سيناء وغزة.. بلا ثمن أو مساومة.. ألم يتنازل عن النيل لأثيوبيا.. التي تسلمت بضاعتها في سد النهضة.. مقابل أن يشرب المصريون من مياه المجاري!
في سوق البشر.. لا يشتري الناس عبدا يخون سيده.. أو مملوكا يقطع اليد التي تمتد له بالعطاء.. كيف يشتري المضاربون مملوكا لا يميز بين “الترعة” و«القناة”.. بين الديمقراطية والدبابة.. بين البساط الأحمر ودم البشر المراق في رابعة والنهضة.. وفي كثير من السجون والمعتقلات.
أتدرون لم يرغب السيسي في إعادة بيع نفسه.. وقد باعها بالتقسيط أكـثـر من مرة؟ ببساطة.. ليستوفي ثمن كرسي.. استأجره حتى عام 2030.
