
في اليوم الثمانين من استئناف حرب الإبادة على قطاع غزة، فشل مجلس الأمن الدولي مجددًا في تبني مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، ويطالب بإتاحة الوصول الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع المحاصر. وجاء هذا الفشل بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، مما حال دون تمرير القرار الذي حظي بتأييد واسع من أعضاء المجلس الآخرين.
كان مشروع القرار قد طُرح في مجلس الأمن وسط تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة، حيث تتعرض مناطق مدنية بشكل متواصل للقصف الجوي والبري، وسط حصار خانق ونقص حاد في الغذاء والماء والدواء. نص مشروع القرار على "الوقف الفوري للعمليات العسكرية"، ودعا إلى فتح ممرات إنسانية آمنة لضمان إيصال الإغاثة إلى أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين.
إلا أن واشنطن، الحليف الرئيسي للاحتلال الاسرائيلي، اعترضت على الصيغة المقترحة، معتبرة أنها "غير متوازنة" ولا تأخذ بعين الاعتبار ما وصفته بـ"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". وبررت المندوبة الأميركية استخدام الفيتو بالقول إن القرار كان سيقوّض الجهود الدبلوماسية الجارية للتوصل إلى هدنة مؤقتة تشمل إطلاق سراح الأسرى.
أثار الفيتو الأميركي موجة غضب وانتقادات من عدد من الدول الأعضاء في المجلس، وعلى رأسها الدول العربية ودول من أمريكا اللاتينية وإفريقيا. ووصف ممثل دولة الجزائر، التي شاركت في تقديم مشروع القرار، استخدام الفيتو بأنه "منعطف خطير" يعكس انحيازًا صارخًا ويطيل أمد معاناة المدنيين في غزة.
كما عبرت منظمات حقوقية دولية عن صدمتها، مؤكدة أن استخدام الفيتو في مثل هذا السياق الإنساني الكارثي "يفرغ مجلس الأمن من وظيفته الأساسية في حفظ السلم والأمن الدوليين".
في الوقت نفسه، تتفاقم الأوضاع الإنسانية على الأرض. إذ تُفيد التقارير الواردة من داخل القطاع بارتفاع أعداد الضحايا المدنيين إلى أكثر من 36 ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب عشرات آلاف الجرحى والمفقودين تحت الأنقاض. كما تشير منظمات الأمم المتحدة إلى خطر مجاعة وشيكة يهدد السكان، في ظل شح المواد الأساسية واستهداف مستمر للبنى التحتية، بما في ذلك المستشفيات والمخابز ومحطات المياه.
يمثل فشل مجلس الأمن، للمرة الرابعة منذ بدء العدوان، في تمرير قرار يلبي الحد الأدنى من المطالب الإنسانية، انعكاسًا لعجز المجتمع الدولي عن كبح جماح آلة الحرب، وسط تواطؤ معلن أو صامت من قوى كبرى.
وبينما تستمر الدعوات الشعبية والدولية لوقف المجازر ورفع الحصار، تبقى غزة مسرحًا لأبشع فصول الإبادة في القرن الحادي والعشرين، في ظل غياب العدالة الدولية واستمرار سياسة الإفلات من العقاب.