قدم رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه استقالته اليوم الخميس، بعد أن صوت نواب من اليمين المتطرف واليسار أمس الأربعاء لإسقاط حكومته، مما يُدخل فرنسا في ثاني أزمة سياسية كبيرة خلال ستة أشهر.
وسيُسجل اسم بارنييه، الذي سبق أن شغل منصب مفاوض الإتحاد الأوروبي في ملف بريكست، كأقصر رئيس وزراء في تاريخ فرنسا الحديث، حيث لم تشهد فرنسا من قبل فقدان حكومة تصويت الثقة منذ حكومة جورج بومبيدو في عام 1962.
وجاءت هذه الأزمة على خلفية تمرير الحكومة الفرنسية لميزانية غير شعبية، وذلك عبر المادة 49.3 من الدستور، مما سمح للحكومة بتمرير الميزانية دون الحاجة إلى تصويت في البرلمان.
وحسب وكالة رويترز للأنباء، واجهت الميزانية التي كانت تتضمن خطة لتوفير 60 مليار يورو (حوالي 63.07 مليار دولار) بهدف تقليص العجز الكبير، انتقادات حادة من نواب اليمين المتطرف وحزب “التجمع الوطني” بقيادة مارين لو بن، الذين اعتبروا أنها “قاسية للغاية” على الطبقات العاملة.
وتعتبر استقالة بارنييه تتويجاً لتوترات طويلة حول هذه الميزانية، وقد تساهم بشكل أكبر في إضعاف مكانة الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي ساهم في تصعيد الأزمة عبر اتخاذ قرار بإجراء انتخابات مبكرة قبل دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس.
وعلى الرغم من تصاعد الدعوات لاستقالة ماكرون، إلا أن ولايته تمتد حتى عام 2027، وبالتالي لا يمكن إجباره على التنحي في الوقت الراهن.
وتواجه فرنسا الآن خطر إنهاء العام دون حكومة مستقرة أو ميزانية لعام 2025، رغم أن الدستور الفرنسي يسمح باتخاذ تدابير استثنائية لتفادي إغلاق حكومي مشابه لما يحدث في الولايات المتحدة.
وفي نفس السياق، تواجه أوروبا تداعيات هذه الأزمة السياسية في فرنسا، حيث يُتوقع أن تؤدي الاضطرابات الحالية إلى إضعاف الاتحاد الأوروبي الذي يعاني أصلاً من أزمة الحكومة الائتلافية في ألمانيا.
وتأتي هذه الأزمة في توقيت حساس، قُبيل زيارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى باريس يوم السبت المقبل لحضور حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام بعد تجديدها.
وتسبب عدم الاستقرار السياسي في فرنسا في قلق بين المستثمرين في السندات والأسواق المالية الفرنسية، حيث تجاوزت تكلفة الاقتراض الفرنسية هذا الأسبوع تكاليف الاقتراض اليونانية، التي تُعتبر عادة أكثر خطورة.
وفي حال تم تعيين رئيس وزراء جديد، سيواجه تحديات مشابهة لتلك التي واجهها بارنييه في تمرير القوانين، بما في ذلك ميزانية 2025، في ظل برلمان منقسم. يذكر أنه لا يمكن إجراء انتخابات برلمانية جديدة قبل جويلية المقبل.