قبل شهرين من اليوم الذي قرّر فيه الرئيس التونسي قيس سعيّد تفعيل المادة 80 من الدستور ، التي أتاحت له تجميد عمل البرلمان لمدة 30 يوما وإقالة الحكومة وتنصيب نفسه كنائب عام ، كان موقع بريطاني متخصّص في شؤون المنطقة قد نشر وثيقة "سريّة للغاية" تحتوي على تفاصيل ما حدث في تونس مساء أمس الأحد ، بحذافيرها.
الوثيقة التي سرّبت إلى موقع "Middle east eye" ( عين على الشرق الأوسط ) ، ونشرت بتاريخ 23 ماي 2021 ، تتمثل في مراسلة موسومة بـ"السريّة المطلقة" ، وجّهت إلى رئيسة ديوان الرئيس قيس سعيّد ، موضوعها :"تفعيل الفصل 80 من الدستور" ، وقد احتوت على مبررات وظروف هذا الإجراء الاستثنائي الذي لجأ إليه رئيس البلاد بعد عدّة أشهر من صراع السلطات.
وجاء في مقدّمة المراسلة المكوّنة من 4 صفحات :"تعتبر الحالة الاستثنائية أداة لتركيز جميع السلطات بيد رئيس الجمهورية ، وهي حالة الاستثناء ، ويعبّر عنها بـ الدكتاتورية الدستورية ، وهي حالة قانونية قصوى".
ولم تغفلِ المراسلةُ الإشارةَ إلى اقتباسِ مبدأِ "الدكتاتورية الدستورية" هذا ، من دستور الجمهورية الخامسة الفرنسية ، مذكّرة بأن تونس أخذت بالمبدأ في دستورها للعام 1959 ، قبل أن يحتفظ به المشاركون في المجلس التأسيسي الذي تولّى صياغة دستور جانفي 2014 بعد الإطاحة بحكم زين العابدين بن علي.
ومن بين المبررات التي ساقتها المراسلة لإقرار "الدكتاتورية الدستورية" في البلاد :
- عدم استفادة المواطن التونسي من حقّه الدستوري في الصحة ، بسبب عجز الحكومة عن تعميم اللقاح المضاد لوباء كورونا.
- سوء التصرف في الموارد المالية المخصّصة لمواجهة تفشّي الوباء في البلاد.
- تورّط الحكومات التونسية المتعاقبة منذ 2011 في "معضلة الدين الخارجي" ، حيث سيكون على تونس تسديد ما قيمته مليار دولار سنويا في الفترة ما بين 2021 و 2025.
- تكريس البرلمان لمبدأ اللاعقاب بسبب عدم نظر رئيس مجلس النوّاب ( الغنوشي ) في عدّة طلبات لرفع الحصانة عن نوّاب متابعين.
- حالات العصيان المدني المسجّلة في العديد من مناطق البلاد بعد خرق إجراءات حظر التجوّل وعدم الامتثال للحجر الصحّي العام.
