طمس فرنسي لـ 3 ملايين جزائري و40 ألف علبة!

قانون الحالة المدنية... جريمة حضارية عمرها 180 عاماً

يتساءل مراقبون عن ما إذا كانت السلطات الجزائرية تنوي استرجاع سجلات الأنساب التي سرقتها فرنسا، كما يطالب باحثون دوائر القرار في الجزائر بإعادة فتح ملف قانون الحالة المدنية إبان فترة الاحتلال الفرنسي، وما ارتكبه الأخير من جريمة حضارية عمرها 180 عاماً.

أعاد تقرير نفيس للأستاذ "فيصل عثمان"، طرح استفهامات جديدة عن أرشيف أنساب الجزائريين الذي سلبته فرنسا، وكان محور سرقة كولونيالية موصوفة منذ قرنين، لكن الأمر على خطورته وحساسيته، ظلّ خارج المطالبات الرسمية الجزائرية، رغم ضرورة قيام الدولة بتصحيح الأسماء الجزائرية التي طالها تشويه فرنسي مقنّن.

تنكيل منظّم

بحسب إفادات فيصل عثمان، قامت فرنسا بإنشاء الحالة المدنية وفرضها على أهل العاصمة من أجل طمس الذاكرة الجزائرية، وحصل ذلك أولا بين سنتي 1838 و1848 من أجل ضبط الأمور والتحكم في العائلات، ثم بدأ فرض الحالة المدنية من طرف "المكاتب العربية" في المناطق التي تسيطر عليها فرنسا سنة 1854، حيث جرى إجبار الآباء على التصريح بألقاب عائلاتهم.
وأفيد أنّ الجزائريين اتبعوا الطريقة الإسلامية في الأسماء والألقاب، وكان هناك الاسم الفردي المشتق عادة من أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم أو المضاف إلى اسم الجلالة، وكان التلقيب بالشهرة عن طريق النسب العائلي أو القبلي أو المكان، وأحيانا يكون بالوصف المشتق من الصناعات والمهن كالتجارة والحدادة...
ومن العادات العربية والبربرية استعمال آل وآيت، وبني فلان وأولاد فلان التي تستعمل للجماعة والقبيلة، وكان كبار كل عائلة يحفظون "زماما" أو سجّلا فيه أسماء المواليد والوفيات ويحفظون شجرة العائلة وأنسابها وفروعها.


تحريف 1280 إسماً

في 1860 وضع الفرنسيون قائمة بالأسماء الشائعة وأحصوها في 1280، هذه الأخيرة قلبوها في الترجمة وتمّ تحريفها عن مواضعها، حيث قلبت الإدارة الكولونيالية حروف الغين والثاء والضاد والحاء وغيرها مما لا يوجد في اللغة الفرنسية، فصار الأبيض (لبيود) والأخضر (لكدر) والقادر (كادير) ....

وذكر فيصل عثمان أنّ الجهات القضائية الفرنسية أجبرت المسلمين على تبنّي أسماء عائلية (ألقاب) وفرضت استعمال سجلات للمواليد والوفيات بتلك الألقاب لترسيخها، وبعد سيطرة المستوطنين على الوضع وسنّ قانون "وارنييه" (1873) حول الأرض زاد الإلحاح على استظهار الاسم العائلي (المحرّف والمشوّه) ثم دعّمه الحاكم العام "شانزي" بمشروع أجبر "الأهالي" على ذكر الأسماء العائلية سواء كانوا ملاّكاً أو غير ملّاك (سبقه قانون كريميو 1870 الذي نصّ على اعتبار الجزائريين المسلمين مجرّد رعايا، ومنح الجنسية وحق المواطنة لليهود(.

فانون 23 مارس 1882 نسف الهوية 

كشف فيصل عثمان أنّه في 23 مارس 1882، ألزمت تشريعات الاحتلال الفرنسي، الجزائريين بالحالة المدنية على الطريقة الفرنسية، ومسّ القانون أزيد من 3 ملايين جزائري في غضون 10 سنوات تلت صدوره، وكان "صابتييه" ألحّ بقوة على تنفيذ هذا القانون لأنه يؤدّي إلى تجريد الجزائريين من هوياتهم وفق ما اصطلح عليه Denationalisation.

تشويه "زواوة"

لم تتردد إدارة الاستعمار الفرنسي عن تشويه أسماء عائلات منطقة زواوة، وإعطائها أسماء فرنسية مثل "ميشلي" و"ميرابو".

ولفت فيصل عثمان إلى أنّ الفرنسيين عبثوا بالأسماء الجزائرية بطريقة تثير التقزز والأسف، وكلّ من رفض، كان الموظف الفرنسي يختار له لقبا كيفما شاء وكثيرا ما كان هذا الاسم سبّا وشتيمة للمعني، ولم يتحرج الفرنسيون عن ترسيم ألقاب هي محض أسماء نباتات وحيوانات، وأخرى تنطوي على أوصاف مخلّة بالحياء، وذلك أكّدته المؤلفات الفريدة لشيخ المؤرخين الجزائريين أبو القاسم سعد الله (1 جويلية 1930 – 14 ديسمبر 2013).  

لغز أرشيف الحالة المدنية 

كان مجلس المحاسبة الفرنسي في تقرير سابق قبل أشهر، أشار إلى نحو 40 ألف علبة من أرشيف الجزائر لم تفتح بعد، وبحسب ما ورد في التقرير المذكور، فإنّ العلب متصّلة بالأنساب الجزائرية، لكنها تشكو من "تأخر في الفرز والمعالجة".

وأقرّ مجلس المحاسبة الفرنسي بوجود "فوضى كبرى" و"طرق غير عادلة"، مثلما أكّد أنّ "بعض المحفوظات لم يتم فتحها منذ إحضارها من الجزائر سنة 1962"، وتتعلق بالحالة المدنية للجزائر.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. طقس الخميس.. امطار غزيــرة على هذه الولايات

  2. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34305 شهيد

  3. حول طلبات التقاعد.. بيان هام من "كاسنــوس"

  4. حج 2024.. بيان هام من الديوان الوطني للحج والعمرة

  5. وفد صيني يحل بتندوف لإنجاز محطة إنتاج الكهرباء بغار جبيلات

  6. إصابة 10 أشخاص في حادث مرور بالأغواط

  7. لأول مرة في الجزائر.. بناء 11 سفينة صيد بطول 42 متر

  8. فؤاد الثاني.. أخر ملوك مصر يعود الى قصره بالاسكندرية

  9. للمستفيدين من سكنات عدل.. جلسة عمل تقنية لمراقبة العملية التجريبية للمنصة الالكترونية

  10. الجرعات الزائدة من البطيخ قد تكون مميتة في حالات معينة.. ماهي؟