"الرحلة" تنعش بورصة النصب والاحتيال

عائلات ضحية قرارات استفادة وهمية وأخرى دفعت الملايين مقابل "الريح في الشباك"

تعبيرية
تعبيرية

رؤساء بلديات متورطون في منح شقق لصالح "مدام دليلة"

انعشت عمليات إعادة الإسكان التي باشرتها ولاية الجزائر منذ تاريخ الـ21 جوان 2014 عمليات النصب والاحتيال على العائلات المغلوب  أمرها تارة و عائلات مستفيدة وتطمع  في تكرار الاستفادة مرة أخرى.. وبين هذا وذاك وجد النصابون ضالتهم في جنى أموال طائلة عبر بلديات ودوائر العاصمة تحت غطاء "اسمك راهو في القائمة" في الوقت الذي شن فيه الوالي زوخ حربين بسيف واحد ضد المحتالين من جهة وضد أميار ونواب بالمجالس البلدية تورطوا في منح استفادات مشبوهة وشقق لصالح "مدام دليلة".

دوائر وبلديات موازية "تحلب" أموال قاطني القصدير

لا يختلف اثنان على أن "سوسبان" الرحلة وحلم الحصول على شقة بعد طول انتظار أرهق كاهل العائلات المعنية وخاصة القاطنين في الأحياء والمواقع القصديرية الكبرى. فالإحصائيات الخاصة بتحيين الملفات انطلقت اعتمادا على إحصائيات سنة 2007، بعد أن قرر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تخصيص حصة سكنية معتبرة لكل الولايات للقضاء على القصدير ومنها حصة الأسد التي استحوذت عليها عاصمة البلاد بأزيد من 72 ألف وحدة سكنية بمختلف الصيغ... العاصمة التي شوهها القصدير والأكواخ البالية والبنايات الهشة المهددة بالانهيار، جعلت السلطات تطمح  للوصول الى هدف "عاصمة دون قصدير" وهو الهدف الذي جند له الوالي زوخ المعروف في وسطه بإعطائه عامل النظافة والتهيئة الخارجية دورا مهما فما بالك بعاصمة البلاد.

من هنا انطلقت الحكاية عن طريق إعادة الإحصائيات وتحيين ملفات كل المعينين بالسكن عبر كبرى المواقع القصديرية والأحياء الصغرى في 57 بلدية تشمل ولاية الجزائر، إلا أن بيت القصيد يكمن في لجان الأحياء وعمال بعض البلديات الذين وجدوا ضالتهم في التعاون مع محتالين بامتياز قرروا الصيد في المياه العكرة وتحصيل ثروات عن طريق الاحتيال على العائلات، إذ تفيد بعض التقارير الأمنية بوجود عصابات كونت بلديات ودوائر موازية، بالاستعانة بموظفين في بعض البلديات الذين كانوا يقومون بنسخ قوائم الاستفادة او تزويرها وإعطاء الأمل لعائلات كانت ستتحصل على السكن بطريقة قانونية ولكن "شبح الإقصاء" التسلسلي كان له دور كبير في الميدان.

موظفون ونواب ببولوغين منحوا شققا لأقاربهم ونساء لا يقطنون في البلدية

فضيحة النصب والاحتيال على مصالح زوخ كانت بزي رسمي هذه المرة عن طريق بعض نواب المجلس الشعبي البلدي لبدية بولوغين استغلوا زلزال الفاتح أوت 2014 وتعليمة الحكومة التي نصت على ترحيل كل العائلات المهددة بالموت تحت الأنقاض وقاطني العمارات التي تضررت من الهزات الارتدادية وصنفت ضمن الخانة الحمراء من طرف مصالح المراقبة التقنية، حيث ألغت الولاية برنامج الترحيل الخاص بالقصدير مؤقتا وتفرغت لمنكوبي الزلزال. وكشفت التحقيقات الأمنية تورط النواب في منح سقق بكل من موقع الشعايبيبة ببلدية أولاد شبل وموقع أولاد منديل ببئر التوتة لصالح أقاربهم وعائلات ونساء لا يقطنون في بلدية بولوغين، ولم يتم اكتشاف القضية إلا بعد عدة أشهر حيث بوشرت التحقيقات التي افضت الى طرد عدة عائلات استفادت بطريقة مشبوهة وإحالة المتورطين من البلدية على العدالة، حيث تمكنت الولاية وبعد عامين من استرجاع قرابة الـ50 شقة  تحصل عليها مسفيديون "طايوان"، في الوقت الذي أشارت فيه مصادرنا الى تورط بعض الاميار في منح شقق "لمدام دليلة" دون ان يتم الكشف عن أسمائهم او التفطن لهم وهو ما أكدته الجولة الميدانية لـ"البلاد" في مختلف المواقع السكنية الجديدة التي تحدث فيه السكان عن تواجد عدد هائل من النساء اللواتي لم يسبق أن قطن في كوخ قصديري، مطالبين والي العاصمة عبد القادر زوخ بإعادة فتح تحقيق  في قوائم المستفيدين، لاسيما أن معظمهم تحصلوا على شقة من ثلاث غرف على حساب المقصين الذين يتواجدون في الشارع.

70 مليونا للحصول على شقة في كوريفا وموظفات ببلدية بوروبة في قفص الاتهام

القضية التي كشفتها مصالح الأمن الوطني الأسبوع الفارط والخاصة بفضيحة الاحتيال على سكان حي الحفرة ليست الأولى ولا الأخيرة. ففي  جانفي العام الجاري حيث دشنت ولاية الجزائر موقع كوريفة بالحراش تم الكشف عن قضية لم تتناولها كثيرا وسائل الإعلام وتطرقت إليها "البلاد"، تورط شخص وموظف ببلدية الحراش بتلقي رشاوى مقابل منح سكنات لأشخاص غرباء عن البلدية لا يقطون لا في حي بومطعي الذي شملته الرحلة ولا في حي كوريفا القديم أيضا، حيث منح أحد المستفيدين المشبوهين مبلغ 70 مليونا للمعني الذي مكنه من الحصول على شقة "البايلك". وأفادت مصادرنا بأن المعني كان قد شيد كوخا قصديريا في حي بومعطي ولم يقطن فيه أصلا وبعد شهرين، تفطنت السلطات له فاعترف في التحقيق بتقديمه رشوى، كاشفا بقية أفراد العصابة.

فضيحة الأسبوع الفارط كانت القطرة التي أفاضت الكأس وجعلت مختلف الجهات تطالب والي العاصمة بتسليط سيف الحجاج على المتورطين لاسيما موظفين البلديات أو الدوائر. فقضية صاحب الـ55 سنة بالحراش الذي أكدت التقارير أنه محتال بامتيار وبطريقة محترفة لا يترك وراءه دليلا ملموسا،  تمكن من جنى الملايير من عائلات حي الحفرة بواد السمار بالاستعانة بثلاث  موظفات ببلدية بوروبة اللواتي قمن بإحضار قوائم المستفيدين. والطامة الكبرى ان معظم الذين قدموا مبالغ بين 30 و70 مليونا، كانت اسماؤهم في قائمة المستفيدين تلقائيا لكونهم من أبناء المنطقة الأصليين ولم يسبق أن استفادوا من سكن. استغل المتهم الأمر بإظهار قائمة المعنيين بقوله "اسمك راهو في لاليست وذلك بواسطة نفوذي" وكذا "ادفع أو يلغى اسمك".

وبما أن ترحيل سكان الحفرة تأجل عدة مرات، دخلت العائلات في دوامة من القلق والحيرة على مصيرها المجهول في ظل ارتفاع عدد المقصين من مختلف الأحياء القصديرية الكبرى. كما تم الاستماع الى رئيس ديوان الوالي المنتدب لدائرة الحراش الذي أخلي سبيله الى وقت لاحق فيما يتم التحقيق مع البقية الذين ينتظر أن تتم إحالتهم هذه الأيام أمام محكمة الحراش.

القبض على موظف ببلدية الرغاية متلبسا بالرشوة وآخر ابتز المقصين في رمضان

إن كان حال العائلات قبل إعادة إسكانها لا تحسد عليه، فإن حال المقصين الذين شرد أطفالهم وهدمت أكواخهم وأصبح الشارع مأوى لهم أسوأ مثلما جرى في رمضان الفارط حيث تم إقصاء عدد هائل من قاطني المواقع القصديرية بقريقوري في بلدية القبة وبالكروش في الرغاية.  عائلات تنتظر الطعن ليلا ونهارا في عز رمضان أمام مقري الدائرة والولاية، هذ الأمر استغله بعض من لا  لهم ضمير لهم ولا يخافون من عقاب الله، انتهكوا حرمة رمضان بتلقي الرشوة مقابل إيهام العائلات بإعادة إسكانها ن. وهو حال شخص كان في كل مرة يلجأ إلى البلدية للاستفسار عن ملفه والطعن الأمر الذي أدى بموظف متورط في مثل هذه القضايا إلى استدراج المعني وإخباره بأنه يستطيع ضمان شقة له في موقع السباعات مقابل مبلغ معين وظل  يتلاعب به، فقرر الضحية اللجوء الى مصالح الأمن الوطني بباب الزوار لإيداع شكوى فتم القبض على المتهم متلبسا بتلقي رشوة 20 مليونا، قدم الى العدالة التي أدانته بثلاث سنوات سجنا نافذا. فيما تم القبض على عضو آخر من لجنة الحي، أكدت مصادرنا أنه متورط في منح شقق لمستفيدين مشبوهين من باب الزوار وبئر التوتة لم يسبق أن قطنوا في ثاني أكبر حي قصديري بالعاصمة سابقا وهو حي الكروش بالرغاية أدين أمام محكمة الحراش.

أكثر من خمس قضايا عالجتها المحاكم وزوخ يتوعد النصّابين

كشفت مصادر أمنية لـ"البلاد" عن  معالجة ازيد من خمس قضايا كبرى فيما يخص النصب والاحتيال على طالبي السكنات بالعاصمة منذ  انطلاق عمليات إعادة الإسكان بالعاصمة مطلع جوان 2014، منها قضية نواب بولوغين وقضية موظفي بلدية بوروبة، وقضية الرغاية وكوريفا وما خفي كان أعظم، حيث تم كتشاف القضايا بعد تحقيقات معمقة قامت بها المصالح الولائية، في كل مرة تعيد التأكد من قوائم المستفيدين حسب ما كشف عنه والي العاصمة عبد القادر زوخ الذي قال بصريح العبارة إن الولاية تستعين بنظام البطاقية الوطنية لكشف المستفيدين المشبوهين حتى بعد حصولهم على سكنات، بينما تقوم لجان الولاية في كل مرة بعد ترحيل أي حي قصديري أو بنايات هشة من إعادة التأكد من سلم القوائم وتصفية المشبوهين مما سمح بكشف عدة قضايا واسترجاع 50 شقة الى غاية الآن. فهل سيتمكن زوخ من وضع حد للبلديات والدوائر الموازية بسيف الحجاج أم أن سكن "البايلك" سيبقى لمن استطاع أن يقدم "رشوة" أو كانت له واسطة مع "مدام دليلة".

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. منح دراسية مجانية للطلبة الجزائريين في السعودية

  2. المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار: شركة آسيوية عملاقة ستقيم مشروعا في الجزائر يصل إلى 6 ملايير دولار

  3. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 35272 شهيد

  4. أمطــار وزوابـع رمليـة على 7 ولايات

  5. إنتاج النفط في الجزائر يُحلّق عالياً للشهر الثاني على التوالي

  6. تعاني من الأرق.. إليك هذه الطرق البسيطة لتساعدك على النوم

  7. الشاي أم القهوة.. من الافضل صباحا؟

  8. أمطـــار رعديــة على 18 ولايــة

  9. السفير بن جامع ردا على ممثل المغرب عمر هلال: القاسم المشترك للفلسطينيين والصحراويين أن كلاهما تحت وطأة الاستعمار

  10. حج 2024.. بيان هام من الجوية الجزائرية