تشنّ المصالح الأمنية المُشتركة ، في الفترة الأخيرة ، في إطار ما يُعرف ب " التنسيق الأمني المتكامل" حملات أمنية تطهيرية مشتركة وُصفت بـ”الواسعة” و”غير المسبوقة”، ضمن إجراءات التصدي الإستباقي للجريمة بمختلف أشكالها وتجلياتها، خصوصا تلك المنظمة والعابرة للحدود الوطنية كالتهريب الدولي للمخدرات ومكافحة شبكات تنظيم الهجرة السرية والاتجار في البشر ، أسفرت عن اعتقال عدد من الأشخاص، ضالعين في قضايا جنحية أو جنائية مختلفة ، من ضمنها الإتجار في الممنوعات " حبوب الهلوسة" و " المخدرات" مغربية المصدر على وجه التحديد ، و شبكات حمل الأسلحة البيضاء المحظورة في إطار قانون مكافحة عصابات الأحياء ، كما جرى استهداف مناطق في مدن كبرى ، لم يسبق أن وطأتها دوريات أمنية، وكانت تشكل أوكارا لترويج الممنوعات ، خاصة الأقراص الطبية المخدرة الخطيرة ، و سمحت الجهود الأمنية بحجز آلاف أقراص " ليريكا" و " إكستازي" و كميات مُعتبرة من المخدرات.
وعرفت الأيام الأخيرة ، تدفق الأخبار الرسمية عن ضبط السلطات الأمنية ، كميات مهمة من المخدرات بمختلف أصنافها، على غرار ضبط 1 قنطار و 48 كلغ في تلمسان وحجز 13 كلغ في وهران و ضبط آلاف الأقراص في الوادي ، بسكرة ، مستغانم و الشلف ، الأمر الذي يؤكد أن حرب الدولة على هذا النوع من الجرائم ، مُتواصل في سياق المجهودات المكثفة التي تبذلها مصالح المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الوطني لمكافحة تهريب المخدرات و المؤثرات العقلية .
وبعد هذه العمليات النوعية ، جرى الإعلان عن عدد من الحالات،التي جرت في عنابة ، الجزائر العاصمة ، سيدي بلعباس ، غليزان ، بجاية ، أدرار و تمنراست بضبط ما لا يقل عن 25 ألف قرص مهلوس من مخدر" بريغابالين" ذات تأثير 300 ملغ ، مع ضبط كميات مختلفة من المخدرات تتراوح بين 500 غ إلى 3 كيلوغرامات في وهران ، غليزان ، سوق أهراس وقسنطينة تحديداً ، وذلك في إشارة إلى أن هذه الحرب مُستمرة ضد الشبكات التي لا تدخر جهدا في استهداف التراب الوطني ومحاولة جعله حلقة محورية في أنشطتها الإجرامية.
الحرب المفتوحة ضد شبكات الجريمة ، أسفرت في بداية الأسبوع الجاري ، عن إحباط تهريب 130 كلغ من لشحنة كبيرة من البارود في ولاية تلمسان ، في عملية نوعية ، أثمرت أيضا بتوقيف شخصين و استعادة شاحنة مع إخضاع المشتبه فيهما لبحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة حول ملابسات وخلفيات هذه القضية.
وتعكس أرقام المحجوزات والموقوفين ، نجاعة المقاربة الأمنية الجديدة في " فرملة" عصابات المتاجرة في الممنوعات و التصدي لشبكات تهريب " الزطلة المغربية" ، أمام نجاح الدولة في وضع إستراتيجية وطنية محكمة لمحاربة تهريب المخدرات بجميع أنواعها ، إذ تبرز العمليات الأمنية الأخيرة ، كفاءة هذه المقاربة ، التي أعطت أكلها من خلال إحباط العديد من المخططات ومحاولات تهريب في العديد من المناطق والنقاط الحدودية التي تربط الجزائر بدول أخرى ، في ظل سعي شبكات التهريب الدولية إلى تحويل الجزائر إلى " نقطة عبور تستخدمها الكارتيلات لإيصال الممنوعات إلى بلدان أوروبا تحديدا " .
حملة مُشدّدة على شبكات " الحرقة" ...
كما تخوض السلطات الجزائرية ، حربا ضروسا ضد شبكات التسفير السري للحراقة نحو الضفة الأخرى من المتوسط ، بإجهاض 5 إلى 7 رحلات إبحار سري في الأسبوع الواحد عبر سواحل الوطن ، و توقيف المنظّمين الرّئيسيين لذات الرحلات البحرية السرية ، مع حجز قوارب من نوع " فانتوم" ومعدّات بحرية متنوّعة، إضافة إلى مبالغ مالية مهمّة ، تشكل عائدات عمليات الهجرة السّرية ، في إطار وضع حد لتزايد حالات ما يسمّى "الحراقة"، أي الانتقال والهجرة نحو الضفة الأوروبية.
وتأتي المعطيات الجديدة في ملف القبض على أبرز مهربي البشر، في سياق الاستراتيجية الأمنية الواسعة لفرملة شبكات الاتجار بالبشر، التي تستهدف البحث عن رؤوس مافيا التهريب بتفتيش وملاحقة المنازل السرية في المدن الساحلية. ونشرت المصالح الأمنية المشتركة في كل الولايات الساحلية، عددا من الدوريات في مسالك التهريب الرئيسية، وفرض سدود ثابتة في المناطق الشاطئية، التي تشكل أهم منافذ “الحرقة” مع صدور أوامر بمحاصرة النقاط التي تشهد خللا لتجنب أي محاولات تهريب البشر. وبرأي الكثير من المُختصين ، فإن النموذج الجزائري في التعاطي مع كل هذه الجرائم ومحاربتها بات " ملهما للعديد من الدول الإفريقية التي تسعى للإستفادة من التجربة التي راكمتها الجزائر في مجال " كبح" الجريمة المنظمة.
