دعا الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، كل البلدان إلى مساعدة الجزائر على استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج، مؤكدا أن الجزائر متمسكة بالوقاية من الفساد ومحاربتة.
وقال الوزير الأول، في كلمته اليوم، خلال إشرافه من المركز الدولي للمؤتمرات على الإطلاق الرسمي للإستراتجية الوطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته للفترة الممتدة من 2023 إلى 2027، "نطلب من كل البلدان والشركاء الأجانب من أجل مساعدتنا في استرجاع الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج"
واعتبر الوزير الأول أنه "لا يستقيم أن تطلب منا هذه الدول والهيئات مكافحة الفساد والرشوة ولا تمد لنا يد المساعدة من أجل استرجاع هذه الأموال المهربة، بل وتوفر أحيانا الملاذ الآمن لها."
و أكد أيمن بن عبد الرحمان أن رئيس الجمهورية أولى منذ انتخابه، عناية كبيرة لأخلقة الحياة العامة ومحاربة الفساد بشتى أشكاله، حيث تم لهذا الغرض، تفعيل العديد من التعهدات، لاسيما تلك المتعلقة بتعزيز الحكم الراشد، وإصلاح شامل للعدالة لضمان استقلاليتها وتحديثها وتدعيم الديمقراطية التشاركية وبناء مجتمع مدني حر، نزيه ونشيط، بُغية بناء جزائر جديدة قوامها الحق والقانون، وركائزها العدالة الاجتماعية والمساواة في كنف الديمقراطية التشاركية تحقيقا لرفاهية المواطن ورخائه.
و أضاف الوزير الأول أن دستور 2020 أسس للعديد من الإجراءات والتدابير المتعلقة بالوقاية من الفساد ومكافحته لا سيما، من خلال ديباجته، التي هي جزء لا يتجزأ منه، تنص على ما يلي "تعبر الجزائر عن تمسكها بالعمل بالوقاية من الفساد ومكافحته وفقا للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها"، وكذلك مختلف المواد التي تناولت مواضيع ذات الصلة، منها على السبيل الذكر لا الحصر، ما تعلق بحماية الاقتصاد الوطني من أي شكل من أشكال التلاعب، وتفعيل دور المجتمع المدني للمشاركة في تسيير الشؤون العمومية، وواجب التصريح بالممتلكات وتفادي وضعيات تعارض المصالح، وألا تكون الوظائف والعُهدات في مؤسسات الدولة مصدرا للثراء ولا وسيلة لخدمة المصالح الخاصة.
وأشار إلى أن الحكومة قامت بجعل هدف مكافحة الفساد وأخلقة الحياة الاقتصادية والإجتماعية يساير وثيقة مخطط عملها السنوي، عن طريق وضع قواعد تنظيمية وإجرائية ترمي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى ضمان شفافية تسيير المال العام، والابتعاد عن المحاباة والزبائنية وفصل المال الفاسد عن السياسة والتي كان السيد رئيس الجمهورية رائدا لها، من خلال قراراته الصارمة التي اتخذها في وقتها، وقد نجح من خلال ذلك في تطهير العمل السياسي من كل ما يشوبه أو ينحرف به عن تغليب المصلحة العليا للبلاد والنأي بها عن كل مصلحة شخصية أو حزبية أو عشائرية ضيقة.
و أكد أن الجزائر حرصت منذ انضمامها إلى اتفاقية الاتحاد الافريقي لمنع الفساد ومكافحته المعتمدة بمابوتو بتاريخ 11 جويلية سنة 2003 والتي صادقت عليها في 10 أفريل سنة 2006، على الانخراط الكامل في جهود مكافحة الفساد في القارة الافريقية من خلال التزامها بالتعاون التام وبشكل شفاف مع المجلس الاستشاري للاتحاد الافريقي حول الفساد في إطار آلية متابعة تنفيذ الاتفاقية المنصوص عليها.
و سعت الجزائر أيضا، يضيف الوزير الأول، إلى تعزيز تواجدها في المحافل والهيئات الافريقية المعنية بمكافحة الفساد على غرار المجلس الاستشاري للاتحاد الافريقي حول الفساد، وكذا انضمامها إلى اتحاد هيئات مكافحة الفساد الافريقية في 2020، والذي تشغل الجزائر حاليا صفة عضو بالمجلس التنفيذي ممثلة لدول شمال افريقيا.
و أكد أن الفساد ظاهرة عابرة للأوطان، وتأخذ أشكالا متعددة ومتشعبة، الأمر الذي يقتضي تخطيطا استراتيجيا مبنيا على أسس ومناهج علمية، من خلال الاستعانة بتجارب البلدان التي سبقتنا في هذا المجال، والتعاون وتبادل الخبرات مع المنظمات التي تنشط في هذا الإطار، وبالأساس، من خلال تظافر جهود كل الفاعلين على الساحة الوطنية والدولية.
ومن هذا المنطلق، فإن الاستراتيجية الوطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، التي كانت محل استشارات وطنية ودولية واسعة، أكد بن عبد الرحمان، تعد أحد الخطوط التوجيهية التي سيتم اعتمادها على مستوى المؤسسات العمومية والقطاع الاقتصادي العام والخاص، والمجتمع المدني بمختلف أطيافه، وفق الآليات التي تضعها هذه الاستراتيجية، والمستمدة من القوانين المعمول بها، لاسيما دستور 2020، واتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، والقانون 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، والقانون 22-08 الذي يحدد تنظيم السلطة العليا، وتشكيلتها وصلاحياتها ومهامها.
وأكد الوزير الأول أن هذه الاستراتيجية الوطنية ستصبح من الآن فصاعدا، وثيقة مُلزمة لجميع الأطراف، بحيث ينبغي العمل بها والسهر على متابعة تنفيذها وفقا للمؤشرات القابلة للقياس الموضوعة بموجب أنظمة المتابعة والتقييم المرفقة بهذه الاستراتيجية، خلال الفترة الخماسية 2023-2027، التي ستُشرف عليها هيئة وطنية تتشكل من مختلف الفاعلين الرسميين والشركاء الاجتماعيين، برئاسة رئيسة السلطة العليا.