البلاد - زهية رافع - تزداد مسألة حل الأزمة في الجزائر وتحقيق الانتقال الديمقراطي مع مرور الوقت وضغط الحراك الشعبي تعقيدا، وعاد الغموض ليخيم على الوضع العام وسط حالات من الترقب، على خلفية غياب بوادر انفراج قريب للأزمة السياسية التي دخلت شهرها الثالث.
وبينما يرفض الحراك الشعبي الجزائري مقترحات السلطة لتسيير المرحلة الانتقالية للبلاد بعد استقالة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، منها الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الرابع جويلية القادم.
وتتواصل الأزمة السياسية في البلاد إلى أجل غير مسمى، وبرزت مفارقات وتباين توجهات الطبقة السياسية بشكل جلي مع تطور الاحداث وتسارعها، واستمرار حالة الانسداد التي تعيشها البلاد، حيث إن الأحزاب السياسية التي كانت بالامس القريب قد اجتمعت في بيت عبد الله جاب الله بحثا عن خارطة طريق وتصور مشترك تقدمه للمؤسسة العسكرية في إطار حلحلة الأزمة الراهنة، عادت لتعيش حالة التشتت والتيهان، وبرزت تناقضات بين التيارات الحزبية وخلافات أيضا طفت للسطح بين حمس وجبهة العدالة والتنمية، رغم أن هذه الاحزاب تتقاسم جميعا مطلب فتح الحوار لتأمين المرحلة الانتقالية وتحييد تركة الرئيس المستقيل بوتفليقة “الباءات” وبالتالي رفض حوار يديره بن صالح، ورفض للانتخابات المقررة في 4 جويلية القادم بشكل كلي دون تهيئة الظروف المناسبة لذلك، كلها معطيات تزيد من الضغط على مؤسسة الجيش المتمسكة بخارطة الطريق المعروضة دون تقديم تنازلات أو حياد عن الأطر الدستورية،
حيث يبدي رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري تمسكا بالحوار والتوافق كسبيل لبداية الخروج من الأزمة وجعل هذا المطلب أولى من الانتخابات الرئاسية التي لا يمكن تقنيا ولا سياسيا تنظيمها في الموعد المحدد لها، ودعا المؤسسة العسكرية لتقديم بعض التنازلات، مؤكدا أنه على المؤسسة العسكرية أن تقتنع بأنه لا يمكن إجراء الانتخابات الرئاسية في الـ 4 جويلية وبأنه لا يمكن القبول بمرحلة انتقالية يشرف عليها عبد القادر بن صالح، لكنه في مقابل ذلك دعا لمرافقة مؤسسة الجيش في تجسيد مطالب المرحلة الانتقالية التي تكون ـ حسبه ـ ضامن لنجاح التوافق، الذي لابد منه لتحقيق الانتقال الديمقراطي. فيما أظهر اختياره لشخص بن بيتور للمرحلة القادمة كرئيس جديد ويقترب موقف مقري من موقف رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس..
أما رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله، فقد اعترض بشدة على دعم المؤسسة العسكرية للسلطة القائمة وعبد القادر بن صالح بالرغم من رفض الشارع له وذلك في سياق موقفه من الانتخابات الرئاسية التي يرى أن المؤسسة العسكرية هي التي تدعم التوجه إليها في مثل هذه الظروف.
وبعيدا عن ردود الفعل بشأن التوقيفات والمحاكمات الأخيرة، برزت رسالة الثلاثي الإبراهيمي، يحيى عبد النور وبن يلس لتزيد الضغط على المؤسسة العسكرية وذلك بالدعوة إلى فتح حوار مع ممثلي الحراك والفاعلين السياسيين، مع التأكيد على رفض انتخابات الرابع جويلية لتنظيمها من قبل مؤسسات معادية للتغيير.
ويبدو أن الغموض الذي يطبع الوضع العام قد يفتح الباب أمام شكوك ونوايا قيادة الجيش والسلطة القائمة، التي قد تكون مجبرة على مراجعة خياراتها في ظل الضغوط التي تواجهها.