خ/ رياض - مع دخول الحرب الإسرائيلية المُدَمّرة على قطاع غزة، شهرها الثاني، ومع تواصل الفظائع المُروعة، تبدو دائرة المقاطعة الدولية لـ “الكيان الإسرائيلي” في اتساع مُلفِت للإنتباه.
فدولة الإحتلال ، تمرّ اليوم بأسوأ عزلة دولية، بسبب التزايد المُطّرد للمواقف الدولية المُدينة لجرائم الحرب التي يستمر الجيش الإسرائيلي في ارتكابها بكل الأسلحة المحظورة دوليا بحق الشعب الفلسطيني.
وهو ما يقود إسرائيل نحو عزلة دولية غير مسبوقة ، بعد طرد عدد من الدول سفراءها وقطع العلاقات الدبلوماسية معها. تسع دول أجنبية وإفريقية وإسلامية وعربية، أعلنت في أقل من نصف شهر، استدعاء سفيرها في دولة الإحتلال أو قطع علاقتها بشكل كامل، احتجاجاً على الممارسات التي ترتكبها آلة الحرب الإسرائيلية في غزة.
إدانات واستدعاء سفراء..
وتأتي هذه التطورات الدبلوماسية بين عدد من الدول ودولة الإحتلال بعد حصول تحول واضح في الرأي العام الدولي، وانتقاله من مرحلة التعاطف والتأييد لإسرائيل بعد أيام من معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر إلى مرحلة التعاطف مع القضية الفلسطينية بعد تصاعد المجازر والدمار في قطاع غزة.
وخلال الأيام الأخيرة ، خرجت في عدد من الدول الأجنبية الداعمة لـ “إسرائيل” في مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، مسيرات شارك فيها مئات آلاف المتضامنين مع فلسطين ، تنديداً بمجازر جباليا ومستشفى المعمداني في أواخر شهر آكتوبر .
وهذا ما يثير ردود فعل دولية مُدينة للعدوان الإسرائيلي، ما يطرح السؤال إذا عمّا كانت إسرائيل تتجه نحو عزلة دولية غير مسبوقة.
وكانت دول بوليفيا ، كولومبيا ، تشيلي ، أعلنت عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع “إسرائيل” بشكل كامل" ، فيما قررت هندوراس استدعاء الحكومة سفيرها لدى “إسرائيل” للتشاور في ضوء المذابح التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني ، واتهمتها بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” خلال عملياتها في قطاع غزة.
دولة عربية وإسلامية ...
وبعد هذه المواقف التي صدرت عن دول في أمريكا الجنوبية والوسطى، بدأت الدول العربية والإسلامية بالدخول على خط سحب السفراء، في خطوة وصفت بالجريئة لحفظ ماء الوجه العربي.
وأعلنت الأردن ، استدعاء سفيرها بشكل فوري من “إسرائيل”، بسبب استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة ، تعبيراً عن موقف البلد الرافض والمُدين للحرب الإسرائيلية المُستَعِرة على غزة، والتي تقتل الأبرياء،.
وتسبب كارثة إنسانية غير مسبوقة، وتحمل احتمالات خطرة لتوسعها، مما يهدد أمن المنطقة والسلم الدولي .
و اِلتَحَقَ مجلس النواب البحرين برَّكب المقاطعين لإسرائيل بإعلانه عن مغادرة السفير الإسرائيلي للمملكة، وعودة سفيرها من الأراضي المُحتَلّة ، إضافة إلى “وقف العلاقات الإقتصادية معها”.
يشار إلى أن مملكة البحرين إحدى الدول التي شاركت في اتفاقيات التطبيع مع دولة الإحتلال التي انطلقت العام 2020 والتي عرفت باسم “اتفاقية ابراهيم”، إلى جانب الإمارات والمغرب والسودان.
تَحَدّيات تُركية...
كما حَذَتْ تُركيا ، حذو المقاطعين ، من خلال استدعاء سفيرها لدى “إسرائيل”، لعدم استجابة الجانب الإسرائيلي لمطالب وقف إطلاق النار ومواصلته الهجمات على المدنيين، وعدم سماح “إسرائيل” بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل دائم ومتواصل.
إفريقيا في الواجهة...
و بدورها أعلنت الخارجية التشادية ، استدعاء القائم بالأعمال في “إسرائيل” للتشاور بسبب “قتل المدنيين الأبرياء في قطاع غزة”.
وقالت الوزارة في بيان: “تدين تشاد الخسائر في أرواح المدنيين الأبرياء وتدعو إلى وقف إطلاق النار بما يؤدي إلى حل دائم للقضية الفلسطينية.
ونتيجة لذلك تقرر استدعاء القائم بالأعمال في إسرائيل للتشاور”.
ولم تتخلَّف دولة زعيم مُناهضة التمييز العنصري نيلسون مانديلا " جنوب إفريقيا " سحب جميع دبلوماسييها من تل أبيب، بفعل استمرار القصف الإسرائيلي على المدارس والمستشفيات وقتل الأطفال والمدنيين في قطاع غزة.
الجزائر.... لأجلك يا فلسطين
فبالإضافة إلى الإدانات الواسعة التي تعرضت لها إسرائيل، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها وسحب السفراء، والمظاهرات التنديدية ضدها، دعت الجزائر بقوّة ، المحكمة الجنائية الدولية إلى رفع دعوى قضائية ضد إسرائيل، جراء الانتهاكات التي تقترفها بحق الشعب الفلسطيني الأعزل.
وذكر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ، يوم الإثنين ، في كلمته خلال افتتاح السنة القضائية بالمحكمة العليا، أن رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل هو السبيل الوحيد لإنهاء عقود من الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين.
داعيا كل أحرار العالم وخبراء القانون العرب، إلى رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل، التي ترتكب جرائم ضد الإنسانية أمام أعين العالم .
إلى ذلك ، يُجمع حقوقيُون دُولِيّون على أن حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني بقطاع غزّة ، ترتقي إلى “مستوى العقاب الجماعي” بما يحمل في طياته ارتكاب جرائم حرب بموجب القانون الدولي الإنساني.
مُشدِّدين على أن إسرائيل مارست نظام فصل عنصريا ضد الفلسطينيين، وفرضت عقابا جماعيا وحصارا غير قانوني على قطاع غزة، حوّله إلى أكبر سجن مفتوح في العالم.
