حين يصبح الطعم ذكيا... ونقرتك انهيارا

بين نقرة عابرة ورسالة ودية، قد تسرق هويتك وتنهب مدخراتك وأنت تظن أنك بأمان

في الجزائر، حيث يخطو التحول الرقمي خطوات متسارعة، تنمو في الظل هجمات رقمية متخفية، تتقن فن الخداع وتستهدف كل من يتصل بالإنترنت، إنه "الاصطياد الإلكتروني" لم يعد مجرد تهديد نظري، بل بات واقعا مرا يعيشه المواطنون والمؤسسات على حد سواء.

فكيف تحول الذكاء الاصطناعي من أداة تطور إلى وسيلة تضليل؟ ولماذا أصبح البريد الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي مصيدة رقمية؟

هذا الموضوع ينقل شهادات حصرية من خبراء أمن سيبراني، ويرصد جهود الدولة الجزائرية في تحصين فضائها الرقمي، ليجيب عن سؤال واحد: هل نحن مستعدون للمواجهة؟!

الاصطياد الإلكتروني.. تهديد متنام في ظل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي

مع تسارع وتيرة التحول الرقمي في الجزائر، واندماج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، يواجه الفضاء السيبراني تحديات متزايدة، من أبرزها ظاهرة الاصطياد الإلكتروني (Phishing)، التي باتت تشكل خطرا حقيقيا على الأفراد والمؤسسات على حد سواء. ورغم تطور أدوات الحماية، تبقى الثغرة الأضعف هي وعي المستخدم، كما يؤكد خبراء الأمن السيبراني.

هجوم ناعم بأقنعة تبدو موثوقة

يعرف الخبير جلال بوعبدالله الاصطياد الإلكتروني بأنه "نوع من الهجمات السيبرانية التي تستهدف خداع المستخدمين عبر رسائل مزيفة تحمل روابط تبدو موثوقة، لكنها تقود إلى مواقع وهمية مصممة للسطو على المعلومات الشخصية".

ويضيف أن هذا النوع من الهجمات بات أكثر تطورا بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تسمح للمهاجمين بتقليد الرسائل الرسمية بدقة متناهية، سواء عبر البريد الإلكتروني أو مواقع التواصل الاجتماعي.

الخبير جلال بوعبد الله

أما الخبير محمد شريف زايدي فيشبه الاصطياد الإلكتروني بعملية الصيد في البحر، حيث يستخدم "طعم" مغر لإيقاع الضحية، من خلال وعود زائفة مثل فرص التوظيف أو المسابقات الكبرى.

الدولة تحذر والمجتمع مستهدف

وفي سياق متصل، حذرت مصالح الدرك الوطني، من الانتشار الواسع لظاهرة النصب والاحتيال عبر الإنترنت، مؤكدة أنه "راح ضحيتها العديد من المواطنين".

وأوضحت المؤسسة الأمنية، أن هذه الظاهرة تعتمد أساسا على "الهندسة الاجتماعية"، حيث يطور المحتالون باستمرار طرقا احتيالية جديدة لتحقيق أهدافهم الإجرامية، داعية المواطنين إلى عدم إرسال صور بطاقاتهم البنكية أو رسائل التأكيد، والامتناع عن دفع أثمان السلع مسبقا أو الوثوق في الإعلانات الزائفة.

ويؤكد هذا الأمر تصريحات الخبراء أن الوعي هو مفتاح النجاة.

ولمواجهة هذه التهديدات، أطلقت الجهات المختصة الحملة الوطنية التوعوية تحت شعار "لا تشارك معلوماتك الشخصية عبر الإنترنت. كن يقظا، فالمحتال ينتظر الفرصة". بهدف رفع الوعي بأساليب الاحتيال الإلكتروني. وتمكين المواطنين من أدوات التصدي. وتحفيز ثقافة التبليغ.

هل الحماية التكنولوجية كافية؟

يجمع الخبراء الثلاثة على أن برامج مكافحة الفيروسات ضرورية، لكنها ليست كافية وحدها. يشير يزيد أقدال إلى أن "الذكاء الاصطناعي بات يستخدم لاكتشاف الروابط الخبيثة، إلا أن الوعي البشري يظل خط الدفاع الأول".

وفي السياق ذاته، يشدد زايدي على أهمية استخدام برامج الحماية الأصلية، مثل "كاسبيرسكي"، مع تفعيل المصادقة الثنائية، وتجنب فتح الحسابات من أجهزة غير مأمونة كهواتف الغرباء أو مقاهي الإنترنت.

ويرى الخبير يزيد أقدال أن الاصطياد الرقمي لم يعد حكرا على البريد الإلكتروني، بل أصبح أكثر انتشارا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال منشورات ممولة مزيفة وروابط تؤدي إلى صفحات تطلب معلومات حساسة.

خطوات النجاة من الفخ

في حال وقوع الضحية في رابط مشبوه، ينصح زايدي بـ"فصل الإنترنت فورا، وإعادة الجهاز إلى إعدادات المصنع، وتغيير جميع كلمات المرور، ومراجعة الحسابات البنكية"، معتبرا أن السرعة في الاستجابة قد تنقذ المستخدم من كارثة رقمية.

نحو استراتيجية وطنية شاملة

يركز الخبراء على ضرورة تدريب المستخدمين وتوعيتهم، خاصة داخل المؤسسات، للتمييز بين الرسائل الحقيقية والمزيفة. كما يدعون إلى تفعيل التعاون بين الهيئات الرسمية والقطاع الخاص لتبادل المعلومات حول التهديدات السيبرانية الجديدة.

وفي ظل تنامي التحول الرقمي في الجزائر، يبدو أن رهان الذكاء الاصطناعي لا يكتمل دون أمن رقمي شامل، يبدأ من المواطن وينتهي عند المؤسسات.

ففي عصر الذكاء الاصطناعي، فإن أقصر طريق إلى الضحية يمر عبر وعيه، حيث لم يعد السلاح في يد من يملك القوة، بل في يد من يتحكم بالمعلومة ويحسن استخدامها وحمايتها، وفي عالم تدار حروبه الخفية عبر الخوادم والشبكات والخوارزميات، يتحول الاصطياد الإلكتروني إلى أخطر أساليب الاختراق، وأكثرها دهاء.

الجزائر وهي تشق طريقها في التحول الرقمي، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى أن توازن بين الطموح التكنولوجي وحتمية الأمن السيبراني.

ويبقى الوعي هو الحصن الأول، لأن التكنولوجيا وحدها لا تكفي، والتشريعات لا تحمي من جهل المستخدم.

فلنحذر، لأن المحتال لا ينتظر سوى ثغرة بسيطة.. ونقرة واحدة، ليحولنا من مواطنين افتراضيين رقميين إلى ضحايا حقيقيين.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. موجة حر على هذه الولايات

  2. بيان هام من وزارة الدفاع الوطني حول الالتحاق بمدارس أشبال الأمة

  3. الوزير الأول نذير العرباوي يستقبل من قبل ملك إسبانيا فيليب السادس

  4. السفينة "الفينيزيلوس" تستعد لإستئناف نشاطها برحلة خاصة تربط ميناء مرسيليا بميناء الجزائر

  5. وزارة العدل: تعديل فترة الإختبارات الشفوية للقبول النهائي في المسابقة الوطنية لتوظيف الطلبة القضاة

  6. التوقيع على اتفاقية التعاون الثنائي الشرطي بين الجزائر وسويسرا

  7. وزير العمل يعرض مشروع قانون لتخفيض سن التقاعد لعمال قطاع التربية أمام مجلس الأمة

  8. الفاف تعلن جملة من القرارات الهامة عقب اجتماع المكتب الفيدرالي

  9.   الفرق الوطنية العسكرية للجيدو والمصارعة المشتركة والتايكواند تحتل المرتبة الـ07 عالميا

  10. وزير العمل: تمويل 72مشروعا نموذجيا في عدة ولايات ومرافقة أكثر من 740 حامل مشروع