الرئاسة تعتمد تقريرا أسود لمجلس المحاسبة

مظاهر الفساد طالت كل القطاعات

مجلس المحاسبة
مجلس المحاسبة

البلاد - آمال ياحي  - يكشف تقرير مجلس المحاسبة لهذه السنة الصادر في الجريدة الرسمية عن حقائق صادمة بخصوص مؤسسات وهيئات ضبط ورقابة لم تكن في مستوى المهام الموكلة لها، الأمر الذي أدى إلى اختلالات كبيرة في التسيير مثلما أثبتته الملاحظات الميدانية على عينات من الإدارات المركزية والمصالح غير الممركزة للدولة، إلى جانب الجماعات المحلية والهيئات والمؤسسات العمومية .

في سابقة هي الأولى من نوعها صدر تقرير مجلس المحاسبة لسنة 2019 في الجريدة الرسمية دون إخضاعه للنقاش في لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني واكتفى المجلس بإحالة تقريره لهذه السنة على رئيس الدولة وغرفتي البرلمان ضمن الفصل الأول الذي خصص لميزانية وإدارات الدولة. أما الفصل الثاني ففرد التقرير صفحاته لملف الجماعات الإقليمية وخصص الفصل الثالث للمؤسسات والمرافق العمومية. أما الفصل الرابع والأخير فخصص للوسائل المالية والموارد البشرية والنشاطات الدولية لمجلس المحاسبة وهو فصل دخيل على تقرير هذه الهيئة الاستشارية.

كما تبين مذكرات الإدراج العديد من الاختلالات وأوجه القصور والنقائص التي تطبع تسيير الجهات الخاضعة للرقابة وتؤثر بالتالي على أدائها وبلوغ الأهداف المحددة لها. كما تكشف هذه المذكرات عن نقاط ضعف في تصميم وتنفيذ برامج التجهيز العمومية، على غرار برامج حشد الموارد المائية وبرامج إنجاز الهياكل القاعدية والتجهيزات لصالح الحماية المدنية إلى جانب برنامج تكوين معلمي الطورين الابتدائي والمتوسط للتربية الوطنية.

 

الوكالة الوطنية لمراقبة نشاطات المحروقات “حبر على ورق”

يبرز تقييم مجلس المحاسبة لنوعية التسيير للوكالة الوطنية لمراقبة النشاطات وضبطها في مجال المحروقات، بعنوان الفترة 2013-2016، أنها لا تمارس مهامها في مجال الرقابة والضبط بصفة كاملة، ففضلا عن التأخر في التكفل ببعض المهام على غرار ضبط نشاط النقل عن طريق الأنابيب، لا تضمن سلطة الضبط متابعة كل مجاميع السوق البترولية بجميع مكوناتها من الاستثمار والإنتاج الوطني والواردات والاستهلاك الوطني والصادرات، حيث لم تستكمل قاعدة بياناتها المتعلقة بجميع قطاعات النشاط. وتم إنشاء الوكالة الوطنية لمراقبة النشاطات وضبطها في مجال المحروقات والمسماة “سلطة ضبط المحروقات” بالقانون رقم 05/ 07 المؤرخ في 28 أفريل سنة 2005 والمتعلق بالمحروقات، المعدل والمتمم، وهي تتدخل في المصب في النشاط المتمثل في النقل بواسطة الأنابيب للمحروقات، والإنتاج وتوزيع وتسويق المنتجات البترولية.

كما أن مؤونة التخلي عن مواقع استغلال أنابيب المحروقات والمنشآت الملحقة لمواجهة تكلفة إعادة المواقع إلى حالتها الأصلية بعد الانتهاء من استغلالها لا يتم صبها من قبل المتعاملين إلى اليوم. وأضاف التقرير أن هذه الوضعية المقرونة بتأخر أو عدم صدور بعض النصوص التطبيقية للقانون رقم 05/ 07، المعدل والمتـمـــم، أثرت سلبــا على ممارسة مـــهامـــهـا المتعـلـــقة بمراقبـة الــنشاطــات وضبــطــهــا في مــجــال المحروقات.

وزيادة على ذلك، فإن عدم تنصيب مجلس المراقبة المكلف بمتابعة ممارسة مهام الوكالة يحرم كلا من سلطة ضبط المحروقات والوزارة الوصية من الاستفادة من آرائه وتوصياته لتحسين ممارسة المهام، وبالتالي بلوغ الهدف الاستراتيجي المتمثل في تطوير شعبة المحروقات.

 

مداخيل عقارية ضعيفة بسبب جهل البلديات لممتلكاتها!

وتشير الملاحظة العامة المستخلصة من خلال التدقيقات المنجزة في الفصل الخاص بالجماعات المحلية إلى ضعف موارد الممتلكات العقارية البلدية وضآلة مبالغها، مقارنة مع الإمكانيات العقارية المتاحة وتنوعها، حيث لا تتعدى مساهمتها في ميزانياتها المحلية للتسيير 5 % في أغلب الحالات.

وبغرض تقييم تسيير الممتلكات العقارية المنتجة للمداخيل من طرف البلديات، تم القيام بثلاث عمليات رقابية من قبل الغرف الإقليمية لكل من وهران وتلمسان وتيزي وزو، مست في مجملها 31 بلدية وخصت السنوات من 2012 إلى 2016 حيث يفترض نظريا حسب ذات التقرير ان تتوفر البلديات على إمكانيات معتبرة في مجال الممتلكات العقارية المنتجة للمداخيل والتي زاد عددها بنسبة كبيرة بفضل تجسيد مختلف برامج التجهيز العمومي للدولة.

إن تثمين الأملاك العقارية المنتجة للمداخيل هو أحد الحلول التي أوصت بها السلطات العمومية من أجل تحسين موارد ميزانيات البلديات والتخفيف من حدة الهشاشة المالية التي تطبعها، الأمر الذي يتطلب من المسؤولين المحليين دورا أكثر فعالية من أجل ضمان مردوديتها.

إن هذه الوضعية ناتجة في جزء منها عن عدم معرفة البلديات بأملاكها، لا سيما بسبب عدم التحكم في جرد الأملاك، والمسك السيىء لجدول الأملاك، بالإضافة إلى عدم تسجيلها في الجدول العام للأملاك الوطنية الذي ينحصر على الخصوص في المؤسسات التربوية. وعلاوة على ذلك، تعتبر هذه الوضعية نتيجة للتسيير غير الفعال لهذه الأملاك والذي يظهر على الخصوص من خلال غياب إجراءات لتثمينها وجعلها ذات مردود من قبل المسؤولين المحليين وغياب الواجبات الدنيا في مجال التحصيل للإيرادات المتعلقة بها.

وبالفعل يتابع التقرير فإنه زيادة على الأملاك المشغولة دون سند إيجار ودون تسديد لأعباء الإيجار من طرف مختلف المستفيدين (خواص، إدارات ومرافق عمومية، جمعيات)، فإن مستحقات الإيجار المطبقة على المحلات التجارية أو ذات الاستعمال السكني هي في أغلب الحالات ضعيفة وغير محينة. كما تم أيضا تسجيل ضعف في استغلال الأملاك على غرار المحلات التجارية المنجزة في إطاربرنامج “تشغيل الشباب” وكذلك مواقف السيارات وساحات التوقف وتميز تنفيذ الايرادات بعدم إعداد سندات الإيرادات طبقا للحقوق المعاينة من قبل الآمرين بالصرف وضعف مستوى التحصيل للإيرادات العقارية من قبل أمناء خزائن البلديات.

 

صندوق ضمان الصفقات العمومية خارج القانون

ذكر تقرير مجلس المحاسبة أن صندوق ضمان الصفقات العمومية مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري موضوع تحت وصاية وزارة المالية، أنشئ  سنة 1998 في ظروف صعبة تميزت بمحدودية الموارد المالية للدولة.

ويتمثل الدور الأولي الموكل للصندوق في التكفل بصعوبات التمويل التي تواجهها المؤسسات صاحبة المشاريع العمومية، بتسهيل تنفيذها المالي وتقديم بأي شكل ضمانه أو كفالته من أجل تمكين أصحاب الصفقات من الاستفادة لدى البنوك والمؤسسات المالية من تسبيقات في الأموال وتعبئة مبلغ ديونها، غير أن هذه المهام التي لم تمارس إلا نادرا، تم توسيعها طبقا للأحكام التي جاء بها تنظيم الصفقات العمومية تواليا في سنتي 2002 و2015 والتي بموجبها أصبح الصندوق مؤهلا للتدخل مباشرة في تمويل الصفقات العمومية من خلال تسديد كشوف أشغال وفواتير والتمويل المسبق وقروض تعبئة الحقوق المكتسبة.

وأظهر تقييم المجلس للصندوق الذي شمل الفترة 2014?201 7 نقائص في تنفيذ مختلف أنواع الضمان (قروض بالتوقيع وقروض الخزينة) وهذا بالرغم من الأداء المالي الجيد للصندوق. وبالفعل، فبالتكفل بهذه المنتوجات الجديدة وتنفيذها، ابتعد الصندوق عن المهمة الرئيسية وشرع في تنفيذ عمليات تندرج ضمن اختصاصات البنوك ومؤطرة بوضوح من حيث شروط ممارستها في القانون المتعلق بالنقد والقرض، الأمر الذي يستعجل ضرورة توضيح دور الصندوق باعتباره أداة ضمان ومسهلا لتنفيذ الصفقات والطلبات العمومية.

 

أدوية في السوق لم تخضع لمعاينة المخابر المختصة

وتناول تقرير مجلس المحاسبة قطاع الدواء من خلال ما تضمنته التحقيقات الميدانية التي كشفت عن قصور في عمل المخبر الوطني لمراقبة المنتوجات الصيدلانية، المتمثلة مهمته في دراسة ومراقبة نوعية المنتوجات الصيدلانية، إلا أن هذا غير “متكفل بها كليا”، حسب ما ورد في تقرير مجلس المحاسبة. وبهذا الخصوص لوحظ غياب الرقابة الفيزيائية الكيميائية عند تسجيل المنتوجات الصيدلانية، بسبب نقص الكواشف والمعدات وبخصوص مراقبة جودة المنتوجات الصيدلانية التي يتم تسويقها في السوق الوطنية، فإن المنتوجات الصيدلانية التي يتم اقتناؤها في إطار التراخيص المؤقتة للاستخدام لا تتم مراقبتها. في حين يسجل ضعف رقابة المستلزمات الطبية من قبل المخبر الوطني لمراقبة المنتوجات الصيدلانية”. كما أشار التقرير إلى أنه “تم أيضا تسجيل عدم مراقبة جودة اللقاحات والكواشف الموضوعة في السوق”.

ومن جانب التسيير، كشف التقرير “تسيير الموارد البشرية يشوبه العديد من الاختلالات والنقائص من شأنها عرقلة تسيير المخبر والتأثير على فعالية وجودة الرقابة التي يقوم بها”. وبهذا الخصوص بينت تحقيقات مجلس المحاسبة شغور عدة مناصب هامة من بينها مناصب رؤساء مصالح ورحيل عدة إطارات في سلك الصيادلة والبيولوجيين ما قد يؤثر على وتيرة وجودة الرقابة”.

 

45 مليارا لتكوين المعلمين في مهب الريح

في هذا الشأن، عاد التقرير للتشخيص المنجز من طرف اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية في سنة 2000، حيث قامت وزارة التربية الوطنية بإعداد برنامج تكوين خلال الخدمة وعن بعد من أجل تحسين المكتسبات العلمية وتأهيل معلمي الابتدائي وأساتذة المتوسط من أجل رفع مستواهم العلمي والتربوي إلى مستوى الملمح الجديد للأستاذ ويتضمن هذا البرنامج تكوين 214 ألف معلم مدرسة ابتدائية وأستاذ في التعليم الأساسي (136 ألف معلم مدرسة ابتدائية و78 ألف أستاذ في التعليم المتوسط خلال فترة تمتد لعشر 10 سنوات بتكلفة تقديرية حددت بـ 45 مليار دج). ويتجلى من خلال تقييم تنفيذ هذين البرنامجين أن أهداف التكوين المحددة له لم يتم بلوغها إلا جزئيا بالنظر إلى عدد المكونين والبالغ 98462 معلم مدرسة ابتدائية و27710 أستاذ تعليم أساسي إلى نهاية 2015 مقارنة بالتقديرات الأولية.

وواجه البرنامج عند تنفيذه العديد من الصعوبات بسبب عدم تناسب البرنامج مع الواقع، فيما يتعلق خاصة بالطابع الإلزامي للتكوين والسن المحددة بـ 50 سنة وضعف الإجراءات المحفزة من أجل إتمام الــتــكــويــن وعــدم تــكــيــيــف بــرامج الــتــكــويــن وكــيــفـيـات تـنـفـيـذهـا وتـقـيـيـمـهـا، بـالإضافـة إلى عـدم كـفـايـة الـدعـائـم البيداغوجية وضعف الآليات الخاصة بالتنسيق ومتابعة البرنامج. وخلص التقرير إلى أن تسيير البرنامج لم يؤطر تأطيرا كافيا، مما أدى بالخصوص إلى استعمال الاعتمادات لأغراض أخرى غير التكوين عن بعد أثناء الخدمة وكذلك تسجيل أرصدة مالية بقيت مجمدة لسنوات.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. تحسباً لعيد الفطر.. بريد الجزائر يصدر بيـانا هاما

  2. تصل سرعتها إلى 80 كلم في الساعة .. رياح قوية على هذه الولايات

  3. دولة عربية تتجه لحجب "تيك توك"

  4. هذه حالة الطقس لنهار اليوم الخميس

  5. الإصابة تنهي موسم "رامي بن سبعيني" مع دورتموند

  6. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 32552 شهيد

  7. القرض الشعبي الجزائري يطلق قرضًا لفائدة الحجاج

  8. الفريق أول السعيد شنقريحة في زيارة عمل وتفتيش إلى قيادة الدرك الوطني

  9. بيان من وزارة الخارجية حول مسابقة التوظيف

  10. "SNTF".. برمجة رحلات ليلية على خطوط ضاحية الجزائر