هي غصة تعلق بحلوقنا جميعا.. حين يقال إن الجزائريين لا يعملون.. كسالى ويميلون إلى الدعة.. لا يتقنون أعمالهم .. ويفضلون الأعمال السهلة.. في المقابل يتسابق الملايين منهم للفوز بقفة رمضان.. بل ويُسيرون احتجاجات في الشارع.. بدعوى أن مسؤولي البلديات يحابون في توزيعها!
شعب لا يعمل .. يعني ـ بصورة أوأخرى ـ شعبا مفلسا.. قد يموت جوعا .. أو يمارس الهجرة بحثا عن ملاذ .. يوفر له الأكل والمأوى بداع إنساني لا غير.. الأفارقة في الجزائر.. والجزائريون الذين يرحلون عبر البحر أملا في بلوغ الضفة الأخرى.
قد لا نصدق أن رقم البطالة في الجزائر مفزع.. لكننا قد نفزع أكثر حين نكتشف أن هذه البطالة نتاج خلل أخلاقي وسياسي بالدرجة الأولى.. فلا الدولة تخطط لاستيعاب اليد العاملة وتوفير فرص العمل.. لأن سياستها قائمة على الاستيراد والاستهلاك.. ولا المواطن ـ بغض النظر عن مؤهلاته ـ يملك الرغبة في العمل.. أو تطوير مؤهلاته.. نحن إزاء طرفي معادلة صفرية.
من الصينيين الذين يبنون لنا ما نسكن منذ سنوات.. إلى الفيتناميين الذين تقترح كونفدرالية المقاولين الجزائريين جلبهم للعمل في المشروعات السكنية.. بداعي عدم توفر يد عاملة جزائرية مؤهلة.. إلى ما لا نعلم من هذه المفاجآت والمفارقات.. التي تحيلنا إلى عجزة وبطالين مع سبق الإصرار.. يكبر السؤال الأبدي: إلى أين نحن ماضون؟
أشك في كل المعطيات و«الحقائق” المتداولة.. ولست هنا أتهم طرفا بعينه .. بل أظن أننا ضحايا انعدام الشفافية .. وغياب الصدق.. والتسيير بالترقيع.. والفشل في إعادة صياغة مقومات إنسان جزائري مأمول.. نخشى أن تضيع معالمه النفسية والأخلاقية إلى الأبد.
أسجل ملاحظتين بشأن الجزائري غير المؤهل .. أو الجزائري الكسول الذي لا يعمل .. الأولى: من شيد المعالم العمرانية الموروثة عن الاستعمار.. ومن ذلك “جسور قسنطينة المعلقة”؟ والثانية من يعلي هذه القصور الفخمة التي يتباهى بها أصحاب “الشكارة” .. والتي هي أقرب إلى صروح ألف ليلة وليلة؟ في الحالتين هم جزائريون.. سواء بإشراف مهندسين فرنسيين ـ كما في الحالة الأولى ـ.. أو تحت وطأة مالك القصر ـ كما في الحالة الثانية.
ألم تفرض الرداءة سطوتها.. ويسود الغش الفاضح في الإنجاز.. وتغيب اليد العاملة المؤهلة.. ولأن تغيير الواقع.. أعسر من إعادة تكييف رأس أبي جهل .. فأهلا وسهلا بأحفاد “هوشي منه”.
